18 ديسمبر، 2024 10:11 م

تعبد محمد في ” غار حراء ” بين الحقيقة والوهم

تعبد محمد في ” غار حراء ” بين الحقيقة والوهم

تشير المرويات الأسلامية أن محمدا كان يتعبد في غار ، يدعى ” غار حراء ” ، وفي هذا المقال سأتناول هذا الموضوع بعين الناقد العقلاني ، عارضا أولا ما قيل عن تعبد محمد في هذا الغار ، ومن ثم سأعرض قراءتي الخاصة لهذا الأمر .
الموضوع : أولا – سانقل ملخصا عن غار حراء – من الناحية الجغرافية ( يقع الغار في جبل النور ، وقد أطلق عليه ذلك الإسم لظهور أنوار النبوة بداخله ، وقمة ذلك الجبل تشبه إلى حد كبير السنام الخاصة بالجمال ، ووصل إرتفاعه إلى 624 متر ، كما يبعد عن مكة نحو 4 كيلو مترات ، ونظرا للأنحدار الكبير للجبل قد يجد الكثير من الزوار اليوم الصعوبة في زيارة المكان – رؤية مكان تعبد الرسول ، ويتطلب زيارة الغار الصعود إلى قمة الجبل ومن ثم النزول إلى مكان الغار ، والغار لا يتسع إلا لعدد قليل جدا من الزوار حيث أنه لا يتم الدخول إليه إلا من خلال إمالة الرأس وأيضا حجمه من الداخل صغير .. أكد الكثير من الأئمة و الفقهاء أن رسول الله قد علم عن ذلك الغار من خلال جده عبدالمطلب / نقل بأختصار من موقع المرسال ) . ثانيا – المرويات تقول أن محمدا كان يتعبد في غار حراء ( وأنه لم يقارف شيئا من أعمال المشركين وإنما ذكر عنه أنه كان يتعبد على ملة إبراهيم ، ففي الصحيحين من حديث عائشة : أنه كان يخلو بغار حراء فيتحنث فيه. وقد رجح الألوسي أن تعبد النبي كان على ملة إبراهيم ، ويدل لذلك أن في الحديث رواية أخرى وهي يتحنف بالفاء أي يتبع الحنيفية ملة إبراهيم. وهي رواية رواها ابن هشام في السيرة ، وذكر ابن حجر وغيره في معنى يتحنث المروية في الصحيحين أن فيها معنيين :- الأول : أنها بمعنى يتحنف أي يتعبد على الحنيفية ملة إبراهيم ، وقد أبدلت الفاء ثاء وهذا كثير في اللغة. الثاني : أنها بمعنى يتجنب الحنث أي الإثم كما في يتحرج ويتأثم ونحوها أي يتجنب الإثم والحرج / نقل من موقع مركز الفتوى ) . * بينما هناك مصادر أسلامية أخرى ، تنفي ما سبق – من أن الرسول كان في غار حراء ” يتحنف أو يتحنث ” ، بل تقول لأجل الأبتعاد عن القوم ( ولم تأت الروايات بذكر صفات أو هيئات كان يتخذها النبي في تعبده في هذا الغار ، بل كانت الغاية هي الابتعاد عما كان عليه قومه من الشرك ، والتفكر في ملكوت السماوات والأرض .. / نقل من موقع أسلام ويب ) .
القراءة : 1 . (أ) هناك بعضا من الأخبار غير العقلانية – بخصوص غار حراء ، فالغار يبعد عن مكة 4 كيلو متر ، ويتطلب الوصول الى الغار ، صعود جبل بعلو 624 مترا ، ومن ثم نزولا من أجل الوصول الى الغار ، فهل هذا الأمر منطقي ، والرسول محملا بمواد غذائية وماء وأغطية .. للمدة التي يقضيها في الغار . وكيف الغذاء الذي يجلبه ، ألا يفسد . والسؤال الأهم ، كيف لرسول الأسلام أن يقضي حاجاته اليومية / أقصد الخلاء ، وهو يتعبد لعدة أسابيع . (ب) أختلفت الروايات في مدة أنعزال الرسول وتعبده في غار حراء ! ، فعائشة تقول 6 أشهر ، بينما روايات أخرى تقول شهرا من كل سنة ، ولعدد غير محدد من السنين ( وعن عائشة تُوحي أن تحبيب الخلاء للرسول جاء بعد الرؤيا الصادقة ، التي كانت قبل البعثة بشهور ستة ؛ بينما في رواية ابن إسحاق أنه كان يُجاور – أي يعتكف – في غار حراء في شهر رمضان من كل سنة ، فكان يختلي في غار حراء قبل الرؤيا الصادقة ، فكيف الجمع بينهما ؟ غالب الأمر أنه كان يختلي في غار حراء بنفسه شهرًا في السنة لعدَّة سنوات قبل البعثة ، وليس عندنا دليل ثابت يُحَدِّد عدد هذه السنوات / نقل من قصة الأسلام ) .. فالأمر كله روايات ! .
2 . وبعض الروايات تقول أنه عندما يأتيه الوحي يرجف قلبه ويصيبه الورع ، فيرجع الى خديجة زوجه ( عَنْ عائِشَةَ أنَّها قالَتْ : أوَّلُ ما بُدِئَ به رَسولُ اللَّهِ مِنَ الوَحْيِ الرُّؤْيا الصَّالِحَةُ في النَّوْمِ .. ثُمَّ حُبِّبَ إلَيْهِ الخَلاءُ ، وكانَ يَخْلُو بغارِ حِراءٍ فَيَتَحَنَّثُ فيه – وهو التَّعَبُّدُ – .. فَجاءَهُ المَلَكُ فقالَ : اقْرَأْ ، قالَ : ما أنا بقارِئٍ .. فَقُلتُ: ما أنا بقارِئٍ ، فأخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ ثُمَّ أرْسَلَنِي ، فقالَ : { اقْرَأْ باسْمِ رَبِّكَ الذي خَلَقَ (1) خَلَقَ الإنْسانَ مِن عَلَقٍ (2) اقْرَأْ ورَبُّكَ الأكْرَمُ (3) / 1 – 3 سورة العلق } فَرَجَعَ بها رَسولُ اللَّهِ يَرْجُفُ فُؤادُهُ ، فَدَخَلَ علَى خَدِيجَةَ بنْتِ خُوَيْلِدٍ ، فقالَ : زملوني .. فَزَمَّلُوهُ حتَّى ذَهَبَ عنْه الرَّوْعُ / نقل بأختصار من موقع الدرر السنية ) تساؤلي : كيف يرجع لزوجه خديجة والغار في جبل على علو شاهق ، والمسافة عدا صعود ونزول الجبل 4 كيلو مترات ، وكيف للرسول أن يصل الى دار خديجة وهو بهذا الورع والخوف من أجل تزميله ! .. ويظهر أن محمدا كلما يأتيه الوحي يصاب بالهلع والفزع ، حتى وهو خارج غار حراء ( قال محمد بن شهاب .. أن جابر بن عبد الله الأنصاري قال : قال رسول الله – وهو يحدِّث عن فترة الوحي – : بينا أنا أمشي سمعت صوتا من السماء فرفعت بصري فإذا الملَك الذي جاءني بحراء جالس على كرسي بين السماء والأرض .. فرجعت للدار وقلت : زملوني ، زملوني ، فدثروه ، فأنزل الله ” يا أيها المدثر . قم فأنذر . وربك فكبر . وثيابك فطهر . والرجز فاهجر – سورة المدثر ” / نقل من موقع الأسلام سؤال وجواب ) ، هنا يظهر الوحي للرسول ، جالسا على كرسي بين السماء والأرض ، والتساؤل : هل هذا العرض عقلاني لظهور وحي مرسل من قبل الله ! .
3 . ما يثير الأنتباه أن بعض أحاديث غار حراء وتعبد محمد به ، وموضوعة ” زملوني زملوني ” كلما رأى محمد الوحي ، نقلت معظمها عن طريق عائشة تحديدا ، وهذا الأمر به مفارقة ، لا يمكن أن يستوعبها المنطق . وذلك لأن عائشة لم تشهد تلك الأحداث ، وذلك لأنها لم تكن مولودة بعد فهي ولدت ( فالذي ذكره الحافظ ابن حجر في كتابه الإصابة في تمييز الصحابة أن عائشة ولدت بعد المبعث بأربع سنين أو خمس . والله أعلم / نقل من موقع أسلام ويب ) ، والتعبد في غار حراء كان قبل بعثة محمد ( تحبيب الخلاء لرسول الله جاء بعد الرؤيا الصادقة ، التي كانت قبل البعثة بشهور ستة / نقل من موقع قصة الأسلام ) .. علما أن محمدا تزوج من عائشة وهو على مشارف الستين ( وتقول بعض الروايات أن محمدا تزوج من السيدة عائشة وهو على مشارف الستين أو في منتصف الخمسين / نقل من موقع محتويات ) .. كل هذه الوقائع تشير الى عدم دقة خبر التعبد بغار حراء / المنقول عن عائشة وغيرها ، لأنه نقل من قبل شهود لم يشهدوا الواقعة أصلا .
4 . في موقع قصة الأسلام ، يثير موضوعا وهو حب محمد للتعبد في غار حارء ، وعلى قول عائشة ( أنه كان يتحنَّث . ثم يفسر ابن شهاب الزهري هذه الكلمة بقوله : وهو التعبد . وبعض العلماء ينسب هذا التفسير إلى عائشة ) علما أن الصلاة لم تنزل بعد ، ومحمدا لم يبعث أصلا ، من جانب أخر أن المنطقة التي يتعبد بها محمد ، توصف بأنها وفق الموقع ( وأنَّ المكان الذي اختاره موحش وقفر ومخيف ، وقد اشتُهِر في العرب أمر الجن والشياطين ؛ فكانت هذه الأماكن البعيدة أماكن مرعبة لكل أهل مكة بشكل عام ، هذا بالإضافة إلى أن الباحث عن الحقيقة لا يذهب عادة إلى مثل هذه الأماكن ، بل يذهب إلى أهل العلم ) وهنا لا بد لنا أن نتساءل كتساءل الموقع ، لم أختار محمد هذا المكان المرعب المخيف للتعبد / أن فرضنا جدلا أن نيته التعبد ، وأذا كان الغرض البحث عن الحقيقة ، فلديه مرشده القس ورقة بن نوفل وبحيرى الراهب . ولم في هذا الغار يظهر له الوحي أول البعثة ، وهو مكان مقفر مهجور .. وأرى أن رسل الله لا يظهرون في أماكن مرعبة مخيفة .
الخلاصة : (1) موضوعة غار حراء ، قصة أو مروية ، سردت من قبل أفراد لم يشاهدوا الحدث . وهي برأي الشخصي تبتعد عن المنطق ، خاصة أذا عرفنا أن محمدا كان يسلك الطرق التالية من أجل الوصول للغار ( الباحث في تاريخ السيرة النبوية سمير برقة ؛ الذي قال : اعتاد الرسول أن يسلك في طريق ذهابه إلى غار حراء من دار السيدة خديجة ، الذي يقع منزلها في شرق المسجد الحرام جهة باب بني شيبة . يتجه شمالاً حيث يمر بعديد من المواقع ، وهي ؛ الغزة المعروفة حالياً ، ثم بمقبرة المعلاة ، الواقعة ما بين الحجون وسفح جبل أذاخر ، ثم يسلك الطريق إلى الأبطح المعروف حالياً بـ “الجعفرية” ثم نزولاً إلى الأبطح المحصّب المعروف حاليا بـ “المعابدة” ثم قريباً من المنحنى الذي يعرف الآن بـ “العدل” إلى أن يصل غار حراء / نقل من موقع سبق ) ، فهل هناك من منطق لكل هذا الجهد والرسول محملا بما يحتاج من مأكل وملبس وأغطية ! . (2) والأنكى من ذلك أن بعض المصادر تقول أن زوجه خديجة كانت تمكث معه ( وكانت خديجة تتفقده بين فترة وأخرى ، خصوصًا إذا طال مكثه ، وتُحضر له الطعام والشراب ، وتجلس عنده قليلًا .. / نقل من موقع الألوكة ) ، ولكن في سيرة أبن هشام ، أن زوجته خديجة كانت تبقى معه ( فى سيرة بن هشام عن بن اسحاق قال . خرج الرسول الى حراء كما كان يخرج لجواره و معه اهله ) فهل هذا يعقل ، من أن أمرأة قاربت الخمسين من عمرها تسلك هذه الطرقات من أجل معايشة الرسول في خلوته ! (3) كان من البديهي أن تأتي أحاديث غار حراء من قبل خديجة ، لأنها كانت زوجته في تلك الحقبة ، ولكن الأمر حدث عكس ذلك ، لأن معظم الأحاديث أتت من قبل عائشة ، التي كما أسلفت لم تكن مولودة بعد . (4) ويمكن أن أختم الموضوع من أن غار حراء لم يذكر في القرآن ، بينما ذكر هروب محمد وأبي بكر في غار ثور ( إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ .. / 40 سورة التوبة ) ، ولو كان الأمر حقيقيا لذكر في القرآن ، وفي موقع / أهل القرآن ، يبين ( روايات غار حراء ، ليست يقينية و هى مشكوك فيها لأنها خبر آحاد بشهادة فتوى الازهر التى تقول ان خبر الأحاد لا يؤخذ منه منفردا عقيدة و لا حكم ) .. ختام الأمر أن الموروث الأسلامي معبأ بالوهم والأسطرة ، التي تحتاج الى أعمال العقل في تصديقها من عدمه ، وغار حراء أكبر مثال على ذلك .