بعد التغيرات السياسية فی العراق کان الشعب العراقي علی امل کبیر فی التغییر نحوی الاحسن و یشمل کافە اطیاف الشعب لکي یتحفظ بتاریخە ویحمي حریته فی الاختیار وکذلك ازالە الشوائب المتراکمة منذ استلام الحکم للحزب الواحد زمام السلطە وتنفیذ قراراته الدکتاتوریة البغیظة . وفی وطننا كل شيء مختلف اصبح یقرره البرلماني او المسؤول وفق ما یستفاد منە حزبە و مصلحتە المفظلة علی ارادة شعبە لانه فقط دمية تحرك بأيدي خفية. عکس البلدان الاخری التی تختلف الأنظمة بالانتخابات و کل من یخالف یعترف باغلاطە ویستقیل من منصبە والذی لم نراه فی زمن النظام الحالي .ومن هنا انطلقت الجماهیر لتقول کلمتها بالتظاهرفي سبیل نیل المطالب ومن اهم مستلزمات التظاهرات الشاملة هی ان ینتقل البلد من التخلف الى دولة متقدمة متحضرة عصرية لتوفر کل الامکانات و لقيت تعاطفاً وتأييداً من الجمیع ولکن ابتعدت کثیرا عن مسارها ونحن في الوقت الذي نعلن تضامننا الكامل مع حقوق ابناء شعبنا وفق القانون ونشدد على حاجة البلد إلى رجالات دولة تحافظ على هيبته وتفرض سلطة القانون وتمنع الأعتداءات والتجاوزات الخارجية والتدخل في شؤونه لذا فأن مسؤوليات كبيرة ستكون ملقاة على عاتق الحكومة الحالیة والمقبلة. ویظهر أهمية أن تتشكل الحكومة المقبلة وفقاً للكفاءة والخبرة والنزاهة بعيداً على المحاصصة المقيتة التي أدت بالبلد إلى الهاوية لاسيما أن منْ يسعى إلى المحاصصة يرغب ببقاء الفساد المتمثل بالإستفادة من العقود والوزارات ما يتطلب حكومة قوية تجهض أحلام المنتفعين وتمنع من تحقيق مآربهم . وفی الوقت نفسه ندعو المجتمع الدولي الى دعم تطلعات الشعب العراقي بالحياة الحرة الكريمة من خلال اسناد مطالبهم المشروعة في توفیر الخدمات ومعالجة الفساد والمفسدین ونقف مع المتظاهر العصري والمنضبط في المطالبة بالحقوق في جوانبه المختلفة لا عبر الممارسات الخاطئة .
اقولها بمرارة ان التظاهرات الاخیرة مع الاسف انحرفت عن المسار واصبحت ذات اهداف سیاسیة مبیتة تستهدف البنیة العقائدیة للمجتمع العراقي والعملیة السیاسیة ونحسبها ذات أهداف ودوافع تخدم الجهات المعادية للعراق وتصب في مصلحة القوى الشريرة وتم التخطیط لها عبر حرکات واحزاب مخادعة انحرفت عن المسار السیاسي التي اسست علی اساسها لتهدد وحدة المجتمع فی العراق وخاصة المنطقة الجنوبیة المستهدفة روحا وتستهدف مسلسل اغتيال التجربة الديمقراطية، وهذا ليس بالشيء المخفي عن الانظار وان مشروع الجماعات الارهابية واعضاء حزب البعث المشارکین فی العملیة السیاسیة لم يكن من نسيج الخيال بل قدم العراقيون ملايين الشهداء في سبيل عدم انجاح ذلك المخطط . وابتعدة سقوف المطالب واهداف التظاهرات بشکل کبیر عن مسارها الحقیقي وهو توفیر الخدمات ومعالجة الفساد والمفسدین وتذهب ابعد من ذلك الی اسقاط المؤسسات الاقتصادیة وضرب الامن واراقة الدماء . لا احد یشك من کون ان المشاكل والصعوبات في العراق تسير من سيء إلى أسوأ دون ايجاد حلول مناسبة ، منها ملفات الخدمات العامة ، وتجهيز الكهرباء والماء ، والتدهور في قطاعات الصحة والتعليم والنقل ، وكذلك الإرتفاع المتزايد في نسب الفقر والبطالة وقلة فرص التعيين في القطاعين العام والخاص وخاصة حملة الشهادات وخريجي الجامعات في مختلف الإختصاصات وإزاء هذه المظالم تتصاعد حالة الإحتقان الإجتماعي ويرتفع منسوب التذمر والسخط وتتسع هوة عدم الثقة بين المواطنين من جهة وبين المتنفذين وأصحاب القرار والمهيمنين على إدارة شؤون البلد منذ التغيير عام ٢٠٠٣ حتى يومنا هذا . السادة المسئولين مطلوب منهم معالجة تلك المشاكل بقليل من الحكمة وان نوكل مهمة معالجة تلك المطالب المستعجلة والملحة الى اناس شرفاء ويتمتعون بقدر عالي من النزاهة والامانة وهذا ليس بالشيء الصعب والعسير وبخلاف ذلك فاننا نقول للعالم اجمع بان العراقيين جميعهم لا يمتلكون الامانة ولا يوجد من بينهم نزيه . ان التظاهر حق لا یمکن انکاره فهوقاعدة لممارسة الشعب لحقه و احد انجازات عهدنا الجديد ذو النزعة الديمقراطية والتعددية الحزبية والنظام البرلماني والفيدرالي للتأثير على القرارات بشكل مباشر، لكنه مشروط بتحقيق الغاية السامية للشعب وإلاّ لأنتفت ممارسته .والتظاهرات التی یشهدها الشارع العراق الیوم هی تظاهرات تحصل فی ظرف استثنائی رغم کونها فی جمیع جوانبها مطالبات محقة حیث یعیش الوطن ازمة کبیرة فی ظل الفساد الذی شاب الانتخابات والتی لم تعلن نتائجها لحد الان و ستولد أزمة جديدة في البلاد قد تؤخر إعلان التحالفات السياسية وتشكيل الحكومة الجديدة وغایة فی الخطورة لانها تشکل منعطفا خطیرا جداً مع الانتهاء من التنظیمات الارهابیة والتکتلات والاحزاب والخلایا النائمة التی تحرکها اجندات خارجیة وتحاول استغلال الثغرات وایجاد فجوة للنفاذ وتنفیذ الاجندات الخطیرة فی تمزیق وحدة البلاد وتدمیر وجوده وافشال التجربة السیاسیة الجدیدة وتجرید العراق من هویته الاسلامیة . ان اخطر ما یمیز هکذا تظاهرات هو خروجها عن المسار الذی خرجت من اجله ، وبروز جهات تحاول استغلال التظاهرات لتحقیق مکاسب سیاسیة خاصة بها بتوجیهات ودعم خارجی، لاسیما ان لمثل هکذا جهات القدرة علی توظیف التظاهر علی النحو الذی یخدم مصالحها وأجندتها ، کما ان المندسین واصحاب الاهداف الخبیثة الذین ما زال حلم عودة المعادلة الطائفیة الظالمة لن تغادر افکارهم ولم یکفوا عن مراودة احلامهم فی الدخول بین اروقة هذه المظاهرات لاثارة الناس والجمهور علی النظام ، فبماذا نفسر تحول التظاهرات الی تصادم وتهدید علنی للمسؤولین بالقتل والاعتداء على منازلهم.