23 ديسمبر، 2024 6:52 ص

تظاهراتٌ ضدَّ الجماهير !

تظاهراتٌ ضدَّ الجماهير !

لابدَّ من تقديرٍ عالٍ وادراكٍ وتفهّمٍ واسعين لثورة وفورة الغضب الشعبي لعددٍ من المحافظات الجنوبية والوسطى جرّاء الأجحاف المفرط والجور المسرف تجاه ما لاتقدّمه حكومة احزاب الأسلام السياسي من اولويات المتطلبات الحياتية الضرورية , والى الحدّ الذي ينبغي ” الى حدٍّ ما ” تقبّل ما تفرزه الأعصاب عند افتقادها القدرة على التحمّل , إنّما مهما بلغ توتّر الأعصاب فيبقى تحديد الهدف والمنطق هما سيّدا الموقف .

كما مهما كانت وسائل الأحتجاج والتظاهر ولجوئها الى اساليبٍ قد ترفضها الدولة وعموم المجتمع , لكن أن يجري اغلاق الطريق العام او السريع بين العاصمة والمحافظات او بين محافظاتٍ واخرى فهذا هو تضييع للهدف الذي انطلقت بسببه الأحتجاجات الجماهيرية , وهو اساءة الى جموع المتظاهرين الذين نقف معهم من القلب , وقد لا نبالغ في القول أنّ هذا السلوك في منع قطاعاتٍ واسعة من الجمهور والمسافرين والمتنقلين بين المدن للعودة او الوصول الى منازلهم وعوائلهم قد يُسرّ الدولة من زاويةٍ ما .! كما أنّ قطع الطرق هذا لا يضرّ الدولة بقدر ما يضرّ الجماهير في منع العجلات والمركبات من الحركة وتأخير الرعيّة عن اعمالهم ومصالحهم .

وَ قطعُ الطرق المقاربة لفظياً ولغوياً الى ” قُطاّع الطرق ! ” وحاشى لجماهير المحتجين ان يكونوا كذلك , لكنّما يبدو أن قادة المتظاهرين ووجهائهم لم يستوعبوا ولم يدركوا أنّ سلوكهم هذا لن يرغم الدولة على تنفيذ مطالبهم المشروعة , بل العكس فأنه يرغم الدولة على فضّ هذه الأحتجاجات وبأيّ وسيلة لخدمة عموم الجماهير , وكان الأجدر بهؤلاء الوجهاء والقادة الشعبيين او الناشطين الأجتماعيين أن يوجّهوا انذاراً محدداً بفترةٍ زمنيةٍ الى الجهات المسؤولة في الدولة او الى رئاسة الوزراء لإشعارهم بأضرابٍ او اعتصامٍ افتراضيٍّ ما وما الى ذلك في حال عدم تحقيق مطالبهم ” ومن دون اللجوء والأشارة الى قطع الطرق الرئيسية على الأطلاق” . وعادةً ما تجري هكذا احتجاجات إمّا عبر التبليغ في وسائل الإعلام او ابلاغ وزارة الداخلية , او بأجتماع ممثلين عنهم مع رئاسة الوزراء , فهم بذلك لا يبقون حجّةً على انفسهم ولا على جهاتٍ رسمية اخرى قد تّتهمهم بما تتّهمهم .!

وبالعودةِ الى قلب التظاهرات الأحتجاجية وبروز مضاعفاتٍ وتطوّراتٍ في حدّتها وشدّتها , فحيثُ تنطلق وتتدفّق بعض التظاهرات في محافظتي كربلاء المقدّسة والنجف الأشرف ايضاً واللتانِ تحتضنان المراقد المقدّسة للأئمة الأطهار والمقرّ الرئيسي للمرجعيات الدينية الأربعة والحوزة العلميّة , فانطلاق هذه الحركة الأحتجاجية الشعبية يكتسي لوناً آخراً يمثّل ويجسّد عناصر الإحراج والضغط على قيادات الأحزاب الدينية الحاكمة , ولا موقفَ ولا تصريحَ لهم لغاية الآن بشأنِ ما يجري وسيجري من مجريات .!

ومنْ جانبٍ آخرٍ فبانَ أنّ التأثيرات والإنعكاسات السيكولوجية والسوسيولوجية – السياسيّة والصراعات الذاتية الناتجة والمتسببة بالحرمان الجماهيري لمقوّمات الحياة قد انتقلت تلقائياً او غير تلقائييٍّ ايضا , الى منعطفٍ شديد الخطورة عبر قطع المتظاهرين للطريق الرئيسي المؤدي الى شركات النفط العاملة في محافظة البصرة , وذلك يرسم ويشكّل ابعاداً اخرى قد لا تظهر انعكاساتها

خلال ايامٍ معدودة .! , وهذا وسواه يمثّل اثقالاً يصعب حملها وتحمّلها على قيادات احزاب الأسلام السياسي المتسلّطة على السلطة , والتي تعكس معاني السلطوية بأسوأ معانيها .!

وقد باتَ ” افتراضيّاً ” على الأقلّ , أنّ كشفَ واكتشاف عمليات التزوير في الأنتخابات والتي لم يجرِ اكتشافها برمّتها , قد كان مفيداً للغاية لخلع ونزع العباءات والعمائم السياسية ولحاها من التي بعضها او اكثر قد كانوا المصادر والمراجع خلف ستائر التزوير الشفّافة او العارية من ايةِ شفافيّةٍ او ورقةِ توتٍ صفراء .!

< نُذُرُ شُؤمٍ تتنائر وتتكاثر على شعب العراق بسبب اولئك وهؤلاء وارتباطاتهم ونفوسهم المريضة بأقسى من مرض الأيدز والحمّى النزفية وغيرها من حِمَم وعدوى الفيروسات السياسية وغير السياسية > .!