عقولنا ربما مصابة بأوبئة متوطنة مزمنة تتسبب بها جراثيم المفردات , التي تجتاح وعينا وتتسيّد على مداركنا , وترسم خرائط رؤانا وتصوراتنا وآليات تفكيرنا.
ففي كل منا عدد من الجراثيم الطاغية على عقله والمستوبئة لوجوده!!
فلغتنا الغنية بالمفردات , إنتقينا منها مفردات جرثومية وسممنا بها عقولنا , وأوهمنا الآخرين بأنها لغتنا وحسب!!
كيف حصل هذا؟
ومَن الذي أسهم بذيوعها وهيمنتها على العقل الجمعي؟
لابد من توجيه التهمة لنخب الأمة من الكتاب والشعراء والمثقفين والمفكرين والفلاسفة , فأقلامهم تتداول المفردات السلبية التيئيسية الإبلاسية المنطوى , والسيئة المحتوى , فصارت إبداعاتهم رثائية ندبية , وبكائيات مترعة بأقسى التعبيرات الحزينة , وفي أفكارهم وطروحاتهم ما يسوّغ ويعزز الرقود في المنحدرات والحفر والخنادق الظلماء.
لماذا أذعنوا للقنوط؟
هل هذا دور النخب؟
إن عليهم أن يتحرروا من الضغط النفسي العام , الذي يُراد له أن يعم ويتفاعل مع إرادة الحياة ويقهرها , ولا بد للنخب أن تكون صاحبة الريادة , وتمتلك القوة والعزيمة النافذة المتواصلة على الإيمان بأن الأمة تكون , وستتحرر من أصفاد العدوان النفسي والعسكري , وتطرد جنود التبعيات والخذلان والإمتهان.
الأمم بنخبها , فإذا خابت النخب تداعت الأمم إلى حضيض عصرها.
ولكي نقضي على أوبئتنا المتوطنة فينا , لابد لنا أن نتوخى الحذر في إنتقاء المفردات التي نكتب بها , فالكلمة ذات طاقة نفسية وتعبيرات سلوكية مؤثرة , فهناك كلمة طيبة وخبيثة , وما يسود في كلامنا المكتوب مفردات خبيثة تنبت الشجر الزقوم.
فهل لنا أن نكتب بمداد الكلمات الطيبات؟!!