ما يجري في واقعنا , أن التضليل وسيلة فعالة ومؤثرة في صناعة الرأي والموقف والسلوك , الذي يدخل في دوامة التوالي الهندسي الفتاك , حتى لتتحول الأحوال إلى أجيج ودخان , وإظلام دامس , وتفاعلات سلبية شائنة ومهلكة , تؤدي إلى تعطيل النشاطات في مناحي الحياة كافة , وتصيب الناس بالذعر والخوف , وبإنفلات ما فيهم من عواطف وإنفعالات البقاء الهلعية المتوقدة , التي لا تسمح لأي تدخل عقلي , وإنما تتسم بالتفاعلات الإنعكاسية الفائقة , وبتراكمها في المجتمع يصبح كل شيئ فيه معضلة , ومصدرا لليأس والتعجيز والتدمير الذاتي والموضوعي.
وهذا ما يحصل في بلد كان من أروع البلدان في تفاعلاته الإنسانية , وتواصلاته الحضارية المتوهجة بالعطاء السامي والإبداع المتنامي.
إذ يتم الإعداد لصناعة المشكلة , وتغذيتها بالعوامل والظروف اللازمة لنضجها , وولادتها بكامل طاقاتها ونشاطاتها التفاعلية المتوقدة , وحالما تبدأ شرارة المشكلة , يتم تجميع أحطابها وسجيرها , وصبّ الزيت عليها بين فينة وأخرى , حتى تجدها وقد صارت تلتهم المكان والزمان والإنسان , وتمضي في أجيجها , والفاعلون يترقبون ويوهمون الناس بأنهم يحاولون إطفاء النيران , ولكن بالبنزين!!
وهذا الأسلوب المبرمج مضت على سِكته الحكومات المتعاقبة وبلا إستثناء , مما أوصلت الأمور إلى مأزق مصيري إنساني وحضاري وعقائدي خطير جدا , ولا تزال بقواها الخفية وعناصرها المؤدلجة تدفع بالمواقف إلى ما بعد الهاوية.
وفي هذا مصادرة وطن وشعب وحضارة وتأريخ , والتهليل للضواري والمفترِسات أن تنشب مخالبها , وتغرز أنيابها في بدن الوطن والمجتمع والتأريخ , الذي تريد أن تكتبه على هواها الذي يؤمّن مصالحها , ويساهم ي سيادة الضلال والبهتان والتحريف , لإمتلاك الأجيال وحجزها في صناديق ظلماء تعطيها مسميات براقة وعناوين خلاقة.
والمؤلم في الأمر أن الكثيرين من أبناء الوطن صاروا أدوات ودمى , لتحقيق هذه المشاريع والبرامج التضليلية التعطيلية التعضيلية , وما يعنيهم سوى ما يتملكهم من مشاعر الأنانية والنرجسية , والإمعان بالتعبير عن رغباتهم المكبوتة وتطلعاتهم المعتوهة , مما أسهم في زيادة سرعة التداعيات والتفاعلات الخسرانية المريرة القاسية.
فهل ستتم معرفة الوطن , وإحترامه والإنتماء لهويته وترابه؟!!