من هوان الدهر وسقطات التأريخ، أن يقدّم الأبرار التضحيات الجسام، ويجني شذاذ الآفاق الثمار، إذ يحدثنا التأريخ عما مر به الأنبياء والأولياء طوال مسيرتهم، من مصائب جمة نستعيد بذاكرتنا من أخبارها؛ ما جرى على النبي يحيى عليه السلام، إذ قُطع رأسه وأهدي لبغي من بغايا بني إسرائيل، وذلك علي بن أبي طالب عليه السلام، يُطبر رأسه ثمن مهر غانية من الغجر!
في تأريخ العراق المعاصر، ومنذ قيام ثورة العشرين بسواعد أبناء العراق الخيرين، ومن ثم وقوع الحكم بيد من تربص به من العملاء، وفقدنا دفة الحكم طوال ثمانين عاماً، تجرعنا فيها المر الزؤام، وبعد سقوط النظام البائد، عاد الحكم مرة أخرى ليقع بيد من ليس أهلاً للحكم، ومرت على البلاد ثمان سنين عجاف، إنتهت بسقوط ستة محافظات بيد تنظيم داعش الإرهابي!
آخر بطولات الأبرار ما سطروه من ملاحم جهادية، على إثر فتوى الجهاد الكفائي التي أعلنها سماحة المرجع السيستاني، وبذلوا الغالي والنفيس من أموال ودماء، من أجل الذود عن الوطن والمقدسات، وحرروا مناطق إستراتيجية كانت أسيرة بيد الإرهاب، وأصبحت من بعد التحرير عزيزة، حيث بلغ صيتها العلا، كجرف النصر، وآمرلي الصمود، والضابطية، وسامراء، وجبال حمرين، وآخيراً وليس آخراً، تحرير مدينة تكريت.
رغم أهمية مدينة تكريت بما تمثله من أيقونة، ترمز الى الجبروت والسلطة التي امتدت قرابة 40 عاما، كانت فيها تمثل عاصمة المُلك السني، في أذهان أهل السنة، بيد أن دخول القوات الأمنية والحشد الشعبي الى مركز المدينة، لم يثر أي فتنة كما كان متصوراً، لكن الملفت في الأمر حصول بعض الأفعال السلبية، من نهب لبعض دوائر الدولة والممتلكات العامة!
النائب مشعان الجبوري، ظهر عدة مرات في الإعلام، مشيداً بصولات القوات الأمنية والحشد الشعبي، لكنه سوّق الى وجود فراغ سياسي وأمني، بعد تحرير المدينة، ولمّح الى إمكانية قيامه بسد ذلك الفراغ، وأتهم الشرطة الإتحادية بأفعال السلب والنهب، وكأنه يروم خلق فتنة سياسية، من أجل أن يتسيد المشهد السياسي في المحافظة، سيما أن محافظ صلاح الدين، هو أحد نواب كتلة الجبوري!