خطط لها البعثيون، و روج لها جيراننا المنحطون، وقادها الملثمون، و الجماهير فيها مغشوشون، و تقولون عنها ثورة، أنّى تؤفكون؟!
نادراً ما تنجح الحركات الشعبية، في تحقيق مآربها، لأن هناك دائماً، من يستطيع تغيير بوصلتها، أو زرع الشقاق بين روادها، فتنتهي بنتائج، تكاد تكون أسوء من السابق.
العراق، أكثر دولة في المنطقة- ان لم تكن الأكثر في العالم- خاضت حراكات، للضغط على الأنظمة، أو إسقاطها؛ واختلفت هذه الحراكات، فمنها نابعة من الشعب، و تقودها شخصيات وطنية، وهذه غالباً ما تفشل، مثل ثورة العشرين، التي نجحت بايقاف الامتداد البريطاني، وأوقفته على حدود المدن، لكنها لم تفلح بطرده، لقلة الدعم، و إعتماد الثوار على إمكانياتهم؛ وكذلك الانتفاضة الشعبانية، التي لم تلقَ الدعم المطلوب، فلم تنجح، بل أدت الى نتائج أكثر سلبية، حيث عاد النظام بقسوة أكبر، وكُشفت أمامه شخصيات وبيوتات وطنية، فعمد الى تصفيتهم واحداً تلو الآخر.
الثورات الناجحة، غالباً تكون انقلاباً أكثر منها ثورة، يقوم بها قادة الجيش، او تحرض عليها جهة خارجية-أو الاثنان معاً- فمثل هذه الحراكات تكون مدعومة وخطواتها مدروسة، لكن نتائجها لا تكون في صالح الشعب، فيعاني من سلبيات الحكم الجديد، ولا ينتهي منها سوى بانقلاب جديد، يجر عليه ويلات جديدة.
ما حدث في النجف الأشرف، في الأيام القليلة الفائتة، رغم كونه لا يتعدى الشغب والفوضى، لكنه يشابه ما حصل في الانقلابات السابقة، من تخريب وحرق وعنف، دون خطط مدروسة من قبل المنفذين، فهناك غرض واحد، وهو إسقاط الحكومة- التي سبق وان أُسقطت بالانتخابات الأخيرة- دون تخطيط، لما سيحدث بعد ذلك، لأن المدبرين لايريدون أن يعرف المتظاهر، غير ما ينفع أغراضهم.
طبيعي جداً أن يحتفظ القائد، ببعض التفاصيل، ولا يعلن كل ما لديه، لأسباب أمنية، أما الجماهير فتنفذ ما يطلب منها، لثقتها بقائدها؛ لكن هل قادة تضاهرات النجف اليوم، يستحقون القيادة؟ بل هل يستحقون حتى ثقة الناس بهم؟
تسربت معلومات، من بين متضاهري النجف، خصوصاً من تم اعتقالهم والتحقيق معهم، عن بعض الأشخاص الذين يقودون التظاهرة، من الأسماء التي طرحت- ولن أذكرها هنا- تم معرفة أن أحدهم أخ لبعثي قديم، هارب إلى الولايات المتحدة الأمريكية، وهو كذلك يحمل جنسية نفس الدولة (يقال أنه الموجه للجموع و قام بتوزيعهم على المهام التخريبية) ، وأخر إبن لضابط أمن سابق (يقال أنه هو من احرق مقرات الاحزاب) ، و آخرون ممن يدعون كونهم أدباء، و إعلاميون أقرب للمهرجين.
تضاهرة تركت السلمية في أولها، يقودها أشخاص تحوم حولهم الشبهات، و آخرون أتفه من أن يسمعهم الناس، كيف تطلب مني أن أدعمها، و أوفر لها فضاء الامتداد؟ قطعاً لن أكون طرفاً فيها، الا اذا عادت السلمية، ونبذت جميع قادتها المرتزقة، و حددت أولوياتها ومطالبها بوضوح، عندها سأكون من أوائل المتضاهرين.