الغابة لها نظام وقانون تحتكم اليه كل الحيوانات، “البقاء للأقوى” فيه يأكل القوي الضعيف، ويطارد المفترس فريسته الاليفه، وذاك قانون محرم ومنبوذ عند معاشر البشر، لكن بعضهم يطبقه سراً، ويستنكره علانية، فتجدهم يركضون وراء ملذاتهم الدنيوية، غايتهم تحقيق مآربهم، مهما كان عدد الضحايا ونذالة الوسيلة.
تلك هي الطبقة السياسية التي عاثت في الأرض فساداً لثمان سنوات عجاف، بيد أن الغريب في الأمر أنهم يتغنون بين الفينة والآخرى بمحاربة الفساد، والقضاء عليه بسلسلة من الأصلاحات التي من شأنها بناء دولة المؤسسات الرصينة، ورب سائل يسئل أ يجيد الفاسد فن الأصلاح؟!
ما هي الأستراتيجية لمكافحة الفساد؟ والقضاء عليه لنجد أنفسنا في دولة عادلة، لا تحتكم لنظام حيوانات الغابة، المنطق يقول أن الفاسد لا يمكنه أن يصلح أفساده، ومن هنا ننطلق برحلة البحث عن المصلح، والمصلح هو من يمتلك القدرة على محاسبة ومحاكمة وطرد رؤوس الفساد الكبيرة، ولا يشغلنا بتصريحات إعلامية, يحاول من خلالها كسب ود الجماهير.
في بلدي يكافئ مسؤول اثبت عليه بالوثائق أنه وراء تهريب ما يقارب اربعة مليار دولار عن طريق حولات الى مصارف اوربية، وفي ذات البلد يحاسب شرطي المرور الذي يقنط الشوارع ليل نهار اذا تخلف عن ساعات واجبه، او سول له الشيطان فقبل الرشوة، وهذا لا يعني أننا ندافع عن الراشي والمرتشي، فكلاهما ملعونان بقول النبي الاكرم، لكن ما نود ايضاحه أن هناك وزارة مالية وهيئة نزاهه عاجزة عن ملاحقة حيتان الفساد، وتصب نار جحيمها على صغار الفاسدين.
أ من المعقول أن وزارة بحجم وزارة المالية، يقودها رجل يقال عنه ان من العباقرة، مضى على توليه منصب وزير المالية، سنة ونصف والى لحظة كتابة هذا المقال لم يضع يده على حوت واحد من حيتان تهريب الأموال؟!
هل يعقل أن تأوي قبة البرلمان، هيئة بحجم هيئة النزاهه، تنجز سنويا ً أكثر من “3000” ملف فساد، رقم يستحق أن يدخل موسوعة غنيس، ولا يكون بين هذه الملفات ملف واحد يدين رئيس الوزراء او وزير في الحكومة السابقة او الحالية، او نائب في البرلمان، او مدير عام، او وكيل وزير على أقل تقدير! فأن كان كل هؤلاء يتصفون بالنزاهه، أذا اين ذهب المليارات، والميزانيات الأنفجارية؟
ما داموا يبحثون عن الخنوص، ويخشون مواجهة أباه، فلا أصلاح ولا بناء، وسيبقى البعير على التل، أبد الدهر.
-الخنوص هو صغير الخنزير