ربما يعد العراق حاليا البلد الوحيد الذي (يغرد) فيه سفراء دول العالم على هواهم، بل ويقوم هؤلاء السفراء بأنشطة مختلفة ويدعون وسائل الاعلام لحضور مؤتمراتهم الصحفية دون أن يقول لهم أحدا، أن للعراق ( سيادة ) !!ولكن أغلب السفراء وجدوا ان الساحة في العراق (مفتوحة) أمامهم كما يشاؤون ، سواء كان منهم السفير السعودي أو السفير الأمريكي أو السفير الإيراني، وهم قد أدركوا أن (السيادة) في العراق قد تبدو آخر شيء يفكر به العراقيون، في الزمن الديمقراطي الجديد!!بل ان هناك (سفراء) في العراق يفوقون منزلة مسؤولين رفيعي المستوى في البلد من حيث الأهمية، مثل السفير الأمريكي أو الإيراني أو السعودي ، وربما تطول قائمة السفراء المهمين في العراق!!لم يكن للسفراء مثل هذه الأهمية في كل بلدان العالم في العقود الماضية لافي العراق ولا في غيره من دول العالم ، بل قلما تجد صحفيا عراقيا ينقل تصريحا لسفير من أي كان، إذا لم يمر التصريح عبر دوائر وزارة الخارجية العراقية، كونها الجهة الوحيدة التي (تسمح) في حالات محدودة جدا أن (يصرح) هذا السفير أو ذأك ، وربما لاتحدث تصريحات من هذا النوع الا كل خمس الى عشر سنوات مرة واحدة!!
تابعوا التصريحات الامريكية والايرانية والسعودية في العراق، لن تجدوا أية دولة في العالم تقبل بأن تكون تصريحاتهم ولقاءاتهم بالوفود والصحفيين على هذه الشاكلة من عدم الاهتمام بسيادة الدول ولا احترام حتى للأعراف الدبلوماسية التي لايفترض أن يصرح أي سفير مهما كانت دولته الا في نشاط رسمي يستقبله مسؤول من تلك الدولة ، بشرط ان لايظهر تصريحه في الاعلام، ولكي يبقى في اطار مواقف الدول أزاء تطورات الاحداث، ولكي تعرف هذه الدولة موقف السفراء المعتمدين لديها او مواقف دولهم من تلك التطورات وفيما اذا كانت لديهم ( وجهات نظر ) أزاءها ، ولكن ظهورها في الاعلام وعلى هذه الشاكلة شبه اليومية تعد تجاوزا لكل الاعراف الدبلوماسية، واستهانة بسيادات الدول، ان يلتقي سفراء دول على هوهم بمن يريدون من مسؤولين او صحفيين ويعقدون المؤتمرات ويصرحون كل يوم دون ان يضع أحد لهم إعتبارا..!!
ولو ان هناك دولة تحترم نفسها وتشعر ان لها (سيادة) لاتسمح لأي سفير أن يتحدث على هواه عبر وسائل أعلامها او اية وسيلة اعلامية ضمن ساحته او الساحات الاخرى على هواه أو يعقد مؤتمرات صحفية ، وتجد هناك من (يغرد) كل أسبوع ويطلق تصريحات نارية، ولا أحد من مسؤولي وزارة الخارجية ، ذكره بأن السفراء العراقيين في الخارج غير مسموح لهم من تلك الدول ان يصرحوا على هواهم، بل ان أغلب الدول (تحاصر) السفراء العراقيين في دولهم، ولا تسمح لهم بالتحرك الا في أطر محدودة جدا، وهذا هو السياق الذي يفترض ان يتم التعامل به مع أي سفير يتم اعتماده في أي بلد من بلدان العالم الا في العراق، البلد ( المباح ) لكي (يغرد) كل على طريقته الخاصة، وكأن العراقيين هم الضيوف والسفراء هم رب المنزل!!
لاتلوموا السفير السعودي حين (يغرد) على هواه ولا السفير الامريكي ولا الايراني ولا الروسي ولا سفير جزر الرأس الأخضر او مدغشقر أو ( دولة حسنة أم اللبن ) حين يصرحوا عن العراق وعن اوضاع مواطنيه على هواهم، لأن العراقيين وسفراء هذه الدول يدركون ان الدولة في العراق هي من تشعر بأنه سيادتها (منقوصة) وليس للبلد (سيادة) في الواقع الا في الكلام..أما الحقيقة فهي ليست كذلك على الإطلاق!!