من حق كل متتبع للسياسة او مهتم، أن يتسائل عن سر هذا التناقض وهذا التخبط الذي نسمعه في تصريحات الساسة الاميركيين ، بعد ان كان العالم يعتقد أن المخابرات الاميركية ترصد حتى تحركات الجرذ في مخبأئه. يصرح رئيس الولايات المتحدة وبلا خجل إن معلومات المخابرات الاميركية حول وضع الجيش العراقي ووضع المعارضة السورية لم تكن دقيقة. بل كانت شحيحة الى درجة التي تمكنت منظمات ارهابية مثل تنظيم الدولة الاسلامية وغيرها، ان تنظم، وتجند، وتمول، وتسلح مجموعة كبيرة من المقاتلين التي تشكل خطرا كبيرا على الشرق الاوسط والعالم. فهل اسطورة الاقمار الاصطناعية العسكرية الاميركية التي تصور حركة خلية النمل على الارض مجرد اكاذيب لتخويف الاخرين؟
قد تكون كذلك. لنسلم بذلك جدلا..
ولكن مثل هذه المسرحية وبنفس الفصول تمت مشاهدتها بعد احداث 11 ايلول 2001. حيث قيل وقتها ان البيت الابيض استهان ببعض المعلومات الاستخباراتية التي حذرت من هجمات ارهابية على الاراضي الاميركية.
كما تكررت المسرحية بعد اسقاط نظام صدام حسين في نيسان 2003 بحجة امتلاكه للأسلحة الجرثومية، وتطوير الاسلحة النووية. وجدنا أن الادارة الاميركية بعد ان قلبت العراق رأسا على عقب صرحت بأن معلوماتها لم تكن دقيقة، وان العراق لم يكن يملك الاسلحة الجرثومية، ولم يحاول امتلاك الاسلحة النووية !!!
لنسلم جدلا ان اميركا صدقت بكلامها!
وعاد هذا المشهد وتكرر في ليبيا. ويتكرر مع كل تطور سياسي او عسكري في الشرق الاوسط. واخرها كان اتهام بايدن بعض حلفائه في الشرق الاوسط بتمويل وتسليح داعش. ثم عاد واعتذر.
وهنا من حقنا أن نسأل هل الدولة التي تنتشر جيوشها، واساطيلها في كل جغرافيا العالم. وترصد مخابراتها حتى المكالمات الهاتفية لآصدقائها وحلفائها قبل اعدائها، وتصور مقاتلاتها وهي تقتل الاشخاص بصور الفيديو تظهر الدماء التي تسيل من القتلى. وترصد اي مكالمة فيها اي كلمة تمت بصلة لما يهدد أمنها القومي، او ترصد حتى اقل المبالغ التي يمكن لاي شخص ان يرسلها الى اهله. ثم تقول لم نشاهد ارتال الاليات التي يتنقل بها تنظيم داعش بين العراق وسوريا. ولم نتمكن من معرفة مصادر تمويله الهائلة. وبات من حقنا ان نقول: إما ان الإدارة الاميركية غبية، أو انها تعتقد إنها تمثل هذه المسرحية على مجموعة من الاغبياء؟
منذ ثلاثة اعوام كانت بعض الدول ترصد جيدا كيف تجند وتمول المجاميع المسلحة ذات التوجهات المتطرفة. وقامت بعض الدول بنشر الارقام والاسماء لبعض الشخصيات التي لعبت دورا كبيرا في هذا الموضوع ابتداء من عقاب صقر من لبنان مرورا ببندر في السعودية وانتهاء ببعض الشخصيات الكويتية. وهناك عشرات الصحف والتقارير كتبت ونشرت اخباراً بهذا الصدد فهل كانت المخابرات الاميركية تستخف بذلك؟ أم ان كل شيئ كان يسير وفق ما تخطط له من اجل استعمار الشرق الاوسط من جديد؟ ولكن على طريقة المدين سيد الدائن.
اذاً من حقنا أن نقول ان كل ما تعلنه او تصرح به اميركا ليس سوى مسرحية سخيفة تتكرر احداثها. وما من احد سيصدق أن هنالك نهاية مختلفة لما شاهدناه سابقا، إلا مجموعة من الاغبياء.
وإن التناقضات والتضارب في التصريحات ليس سوى لتمويه الناس عن النظر الى الوجهة الصحيحة لمشاهدة تفاصيل المخطط الجهنمي للسيطرة على ما يقدر باكثر من 63% من احتياطي البترول في العالم.c