في أول ردة فعل على تظاهرات الشعب الغاضبة التي اندلعت في عموم محافظات العراق والمطالبة في إلغاء الرواتب التقاعدية والامتيازات الخاصة للرئاسات الثلاث والوزراء والنواب وأصحاب الدرجات الخاصة , صرّح الأمين العام لمجلس الوزراء علي العلاق في اجتماع لمكتب الإعلام والاتصال الحكومي (( إنّ تحقيق العدالة والتوازن بين موظفي الدولة يأتي من خلال رفع رواتب الدرجات الدنيا والوسطى في سلّم الرواتب بناءا على ارتفاع تكاليف المعيشة من جهة وبهدف تقليل الفجوّة الحاصلة في الرواتب الوظيفية جراء وجود أنظمة ومخصصات مالية لبعض الوزارات والجهات الحكومية الأخرى , واشار أيضا إلى أنّ هذا التوجه يشمل إلغاء المخصصات الخاصة والاستثنائية الممنوحة لموظفي الرئاسات الثلاث ومساواتهم باقرانهم في الوزارات الأخرى )) .
ويبدو من خلال هذه التصريحات أنّ ديدن الحكومة هو التسويف والمماطلة والالتفاف على المطالب المشروعة ففي تظاهرات 31 / آب الماضي أعلنت هذه الحكومة بأنّ إزالة الحيف والغبن وتحقيق العدالة والمساواة بين رواتب وامتيازات الطبقة الحاكمة وباقي فئات الشعب العراقي سيتحقق من خلال إقرار قانون التقاعد الوطني الموحد , وأنّ الحكومة قد أنجزت مشروع هذا القانون وأرسلته لمجلس النواّب لإقراره . لكن تبيّن بعد ذلك أنّ مشروع هذا القانون هو التفاف فاضح لمطالب الشعب وتكريس لهذه الامتيازات الخرافية واللامعقولة , وهذه المرّة يخرج الأمين العام لمجلس النواب ليعلن للشعب العراقي وبذات الاسلوب المراوغ والمخادع , بانّ تحقيق العدالة والمساواة بين موظفي الدولة ياتي من خلال رفع رواتب الدرجات الدنيا والوسطى .
ولابدّ للأمين العام لمجلس الوزراء أن يعرف أنّ تحقيق العدالة والمساواة بين الطبقات السياسية الحاكمة وعامة أبناء الشعب العراقي لا تأتي فقط من خلال رفع رواتب الدرجات الدنيا والوسطى , بل من خلال إلغاء كل الامتيازات الخرافية واللامعقولة والمخصصات الخاصة للرئاسات الثلاث والوزراء والنواب واصحاب الدرجات الخاصة وشمول الجميع بقانون موحد للتقاعد دون أي امتيازات لجهة دون أخرى , بعد ذلك تأتي خطوة رفع رواتب أصحاب الدرجات الدنيا والوسطى , وتقليل سقف رواتب الرئاسات والوزراء والنواب وأصحاب الدرجات الخاصة بما يحقق العدالة بين فئات وطبقات المجتمع العراقي .
فجناب الامين العام لمجلس الوزراء يحاول أن يسوّف جوهر هذه القضية الوطنية والمتعلقة بهذه الرواتب والمخصصات الخرافية التي أصبحت بحد ذاتها هي الهدف الذي يسعى له الغالبية العظمى من السياسيين الساعين لهذه المناصب , ولهذا السبب تحديدا تراجع الوطن وشحّت الغيرة الوطنية في نفوس هذه الطبقة الحاكمة , وساد الفساد وتفشّى في عموم مؤسسات الدولة ووزاراتها واصبح البحث عن السياسي النزيه في الحكومة كمن يبحث عن أبرة في كومة من القش .
وليعرف دولة رئيس الوزراء وجناب أمين عام مجلس وزرائه إنّ الشعب لن يتراجع أبدا عن مطالبه العادلة ولن يخدع مرة أخرى , وسياسة التسويف والمماطلة والالتفاف على المطالب ستؤدي إلى المزيد من الغليان و الغضب , والزحف إلى بغداد قادم في السادس والعشرين من أكتوبر إن لم تلبى مطالب الشعب العادلة .