23 ديسمبر، 2024 5:17 ص

تصدع المجتمع العراقي بعد 2003 قراءة مقارنة‎

تصدع المجتمع العراقي بعد 2003 قراءة مقارنة‎

المجتمع الأمريكي وكما ذكر الكاتب الأمريكي فوكوياما فـ “التصدع العظيم” ..بعد التحول الذي مره به في فترة الستينيات والسبعينيات ثم صعودا …وبالأخص منذ ان اخذ ينتقل من مجتمع صناعي  الى مجتمع معلوماتي تكنلوجي اغلب حياته تسير وفق العلوم الحديثة ،وانتفاء دور الجماعة وحل محلة دور الفرد واصبح كبير السن لايستطيع ان يؤثر على أبنائه ، وانتقلت الأسر من الاحياء والأزقة الشعبية الى العمارات والبيوت الفارهة بالإضافة الى تلاشي دور المؤسسات الدينية وانحسارها في المعبد ،حصل الكثير من التصدع لدى المجتمع الامريكي ..تمثل بارتفاع حالة الجريمة الى نسب عالية ، ثم التفكك الأسري وارتفاع حالات الطلاق بحيث اصبح هناك اعداد كبيرة من الافراد الذين يعيشون بمفردهم والاطفال الذي هم بدون اباء ،وتراجعت نسب الزواج وارتفعت نسب الحوامل دون زواج شرعي ،واستمر المجتمع هكذا بسبب التقدم والتحول الكبير الذي حصل ثم اخذ يصلح نفسه بتغيير سلوكه في الثمانينيات والتسعينيات وتراجعت جميع الحالات  الى نسب جيدة بعد ان استلهم المجتمع التقدم.

في المجتمعات العربية لم تحدث أي ثورة صناعية او معلوماتية ولازلنا ندور في مساحة اتسعت قليلا في القرن الحالي.

الحديث هنا يخص المجتمع العراقي حيث لم يحصل تحول اجتماعي او اقتصادي او صناعي او حداثة ،فقط تبدل سلطة وانفتاح بسيط لايرتقي الى مستوى أي تطور .وبقيت العائلة متماسكة والتقاليد والقبيلة قائمة وكبير السن لايزال يستطيع التأثير على من حوله  ،ثم ان الدين قائما وهو العنصر الأول الذي يتحكم في ذات الفرد وتوجهاته .ولكن حصل تصدع كبير تمثل بعدة أمور.

1 – ارتفاع مستوى الجريمة : الانتماء الكبير من الشباب الى داعش ،وطرق القتل التي ينتهجونها والخطف السرقات والتفجير.والاغتيالات.بأيادي عراقية

2- التمرد العقائدي :وهو اعتناق داعش كمذهب والانقسام والتقاتل الطائفي وتكفير الأخر .والتدني في التمسك بالاسس الدينية السليمة واستبدالها ..بمفاهيم مختلفة

3- التدني الأخلاقي :السرقات المالية من قبل المسؤولين ،أيضا التقاتل على اسس عقائدية طائفية ،سياسية .تراجع الروح الوطنية لدى الكثير واستبدالها بتوجهات إقليمية على اسس عقائدية وقومية وتغليبها على الوطنية.تدني الإنسانية وارتفاع الرغبة بالانتقام.احلال الرصاصة بدل القلم كرد على نقد الاخر.

تلك تعد من ابرز التصدعات التي مر بها المجتمع العراقي بعد عام  2003 الى هذا اليوم ..لماذا حدث كل ذلك التصدع وما الاسباب التي يمكن ان نرمي على عاتقها ازماتنا ، بالتاكيد الكثير وتتعلق بالاسس والثقافات التي يتعاطاها المجتمع  بالإضافة الى الثقافات والاملاءات الخارجية ومؤسسة الدولة والأستاذ والأسرة وو.

هنا التسائل وبعد الذي حصل …هل يستطيع المجتمع العراقي بناء نسيج اجتماعي مترابط يتناسب مع حجم التغيرات التي حدثت ، ويتجاوز الإشكاليات المتواجدة اليوم بأنشاء روابط عالية مبنية على اسس صحيحة يمكن ان تخلق مجتمع متمدن متقدم يستطيع ان يترك الاختلافات والترهلات ..ويمنح الثقة لبعضه. وكيف يمكن ان تتم تلك ومن الذي من المفترض ان يقوم بهذا الدور هل الزمن أم الدولة أم المؤسسة الدينية أم المؤسسة العلمية أم التراجع الى الوراء والاعتماد على العادات والقبيلة .؟