كتبتُ رسائل لجميع الأحزاب و الكيانات و الرؤوساء الذين تسلطوا على العراق خلال فترة الـ 15 سنة الماضية لأرشادهم إلى الطريق الأقوم, بعض تلك الرسائل أصبحت دراسات منهجية تُعالج المحاصصة وآثار نهج المتحاصصين وأحزابهم على مستقبل العراق, و بيّنت لهم معالم الطريق السليم لنيل السعادة بتحقيق العدالة كطريق وحيد للنجاة في الدارين؛ لكن و لأسباب جوهرية تعود للتربية الدِّينية والحزبية والثقافة العشائريّة والتعليميّة العراقيّة التي ما زالت تفتقد الأصالة و المنهج الكوني الذي بفقده فقدوا لقمة الحلال في العراق .. يضاف لذلك طبيعة النفسية الأستكباريّة المعقدة للمُتصدّين الذين أرسلتُ لهم حتى رسائل خاصّة تُبيّن جوهر النظرية الكونية العزيزية كنهج أمثل و أشمل للخلاص؛ لكنها لم تُجدي و لم تُهدي أحدا منهم للأسف إنغلاق العقول الحزبية على ما يبدو سوى ترك البعض لمواقعهم, بعد ما إمتلأت جيوبهم و جيوب مقرّبيهم بآلمال الحرام .. و هذه الرّسالة هي آخر رسالة أكتبها لمسؤول عراقيّ هو الوحيد الذي لم أخاطبه بشكلٍ خاصٍّ سوى مؤخراً عبر مقال بتأريخ 25 آيار 2018م بعنوان: [أيها المقتدى هل أنت لها](1) دعوته فيه إلى إتخاذ الموقف الحازم وآلشجاع لقيادة العملية السياسيّة بعيداً عن أحزاب الفاسدين .. بل طلبت محاكمتهم كي تثق الأمة بنهجه – نهج السيد مقتدى الصدر – هذا الذي فاز في الانتخابات و كان من المؤمل أن يلعب دور الثائر طبقاً لنهج الصدرين الشهيدين الكبيرين و الذي أماته المُدّعون من (دعاة السلطة اليوم) بفسادهم ظلماً و زوراً لأجل الرواتب و الأموال الحرام التي أكرموا بها قتلة الصدر و الصدريين …
وألمؤسف أنّكَ يا سيّد مقتدى ليس فقط لم تكن أهلا لحمل أمانة الدّماء الزكيّة التي سالت بسبب القتلة الصداميين ومن ساندهم في الجيش العراقي والشرطة والأمن؛ بل جلستَ بجانبهم كتفاً لكتف لتُمهّد الطريق كدعاة اليوم لِمَنْ عادى آل الصدر و قتل والدك المظلوم الشهيد الأمام صادق الصدر(قدس) وشرعتَ بدل الأقتصاص منهم ألتمهيد لتأسيس نواة مجلس محاصصة أخبث من المجلس السابق لتشكيل ألحكومة مع الحيتان الكبيرة كآلعبادي والمطلق والنجيفي الذين يخططون بلا حياء لسرقة بقية قوت الناس و هدر دماء الفقراء والمجاهدين وأموال الأجيال المسكينة التي لم تلد بعد عن طريق بيع الأحتياط النفطي والمزيد من الدِّيون الأجنبية الظالمة, بل وصلت الأمور حدّاً بدأ المتحاصصون معها يفتخرون بعمالتهم و إعلان تنفيذهم لخطط الأستكبار العالمي لإخضاع العراق جملةًَ و تفصيلاً للهيمنة الأستعمارية, لهذا جاءت رسالتنا هذه لتبيّن لكم الحقيقة وتُحذيركم من مغبّة المشاركة في هذا الدّمار الشامل لكون مشاركتك مع الفاسدين إنتصاراً لهم مع سبق الأصرار لتشكيل حكومة تحاصصيّة معلومة النوايا والأهداف كسابقاتها التي أجرمت لأنها لا تعرف سوى النهب و التمييز الحزبي والعشائري والمحسوبيّة و المنسوبيّة التي لم تعد خافياً على المثقفين ناهيك عن المفكرين الذين خُلي العراق منهم بعد مضايقتهم و منع حقوقهم و أرزاقهم ليتشرّدوا بحثاً عن مكان آمن يعيشون فيه!
أيّها المقتدى ألذي لم يُقتدى على نهج والده لقيادة المسيرة التي ضحى لأجلها الأباء و الأجداد و الأئمة كالأمام عليّ(ع) و إبناهُ الأمامين الحسن و الحسين و من سار على نهجهم من الصدريين الأولين و الآخرين؛ إعلم بأن إنخراطك أخيراً و بحسب ما إطلعنا عليه في المشروع ألأستكباريّ التحاصصيّ ألمقيت قد بدأت عليه معالم المحاصصة والظلم إبتداءاً وبوضوح و هي ما تزال في المهد, بآلطبع قبل كل شيئ عليك أن تعلم بأن كتلتكم ضعيفة و من الصعب أن تنجح لتشكيل المكون الأكبر خصوصا بعد أخبار تؤكد على تشكيل كتلة أكبر من كتلتكم بقيادة (الفتح والقانون و أجزاء من النصر و الكرد و آخرين في طريق التشكيل) و سيعلن عنها بعد يومين(2), بعد حضور الجنرال قاسم سليماني من إيران للعراق لدعم كتلة المالكي في رئاسة الحكومة العراقية واسقاط حيدر العبادي الذي يدعم و ينفذ العقوبات الأميركية على إيران, كما إن فشل السيد مقتدى الصدر في مشاوراته مع الأكراد والسنة قد ضمنت فوز الكتلة المالكية, لهذا من الصعب على السيد العبادي رئيس الحكومة الحالية المنتهية الصلاحية من النجاح في تشكيل ألكتلة ألنيابية الأكبر لتعيين نفسه رئيسا للحكومة من جديد.
وإن إيران قد وضعت كل ثقلها لإبعاد و محاكمة حيدر العبادي الذي قد يواجه الأعدام بسبب قضايا الفساد في حزبه و في البنك المركزي الذي بذر أموال العراق للأحزاب وآلمخابرات وضباط وأمن الجيش بعناوين مختلفة كـ (جماعة رفحا) و فدائيي صدام وأعضاء “الدّمج” وغيرهم من النصابيين وقبوله أي العبادي تنفيذ العقوبات الأميركية على إيران وفي آلمقابل إعادة ألمالكي لرئاسة الحكومة بعد أنْ تمّ إبعادهُ عن الحكم بمؤآمرة من رجل الإنكليز المحنك إبراهيم الجعفري الذي إتّفق وقتها مع البعثيين والكرد للمجيئ بآلعبادي الى رئاسة الحكومة بلا انتخابات أو وجه حقّ و بهذا الوضع المتأزم تتأجج اليوم حرب إيرانية – أمريكية على ساحة العراق, و مهما يكن من أمر فأنّ فوز المالكي أو العبادي في آلآخر سيؤدي إلى إستمرار المحنة في الحالتين بسبب المحاصصة التي سبّبت دمار العراق ما لم يُنتخب ألمُفكّر رئيسا بدلا عن كل هؤلاء الحزبيين ألأميين فكرياً! وأتعجب: لماذا لا تنتخب المرجعيّة التي تعرف كلّ شيئ؛ شخصاً تثق به لقيادة العراق بدل الأحزاب الجاهليّة المتحاصصة؟
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
http://iraqi.dk/news/esknde/2018-05-25-17-06-22(1) للأطلاع على تفاصيل الرسالة راجع:
(2) اكد ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي ان الكتلة الاكبر التي ستتولى تشكيل الحكومة المقبلة سترى النور خلال اليومين المقبلين مشيراً الى انها ستضم الفتح ودولة القانون واجزاء من النصر و الكرد.