23 نوفمبر، 2024 3:43 ص
Search
Close this search box.

تشكيل الدولة الكوردية و المعطيات على الارض   

تشكيل الدولة الكوردية و المعطيات على الارض   

بعد انتهاء حرب الخليج الثانية عام 1991 التي قادتها قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الامريكية ضد نظام البعث المباد ، فرض مجلس الامن الدولي بحسب القرار المرقم 688 الصادر في الخامس من نيسان من نفس العام الحظر الجوي على طيران النظام وايجاد مناطق آمنة للشعب الكوردي في العراق امتدت شمالا من خط العرض 36 وجنوبا الى خط العرض 32 ، ومنذ ذلك الحين ، طرح المحللون السياسيون والمتخصصون في شؤون الشرق الاوسط من خلال وسائل الاعلام المختلفة قضية سعي الكورد لتشكيل دولتهم المستقلة في المنطقة ولم يخف القادة الكورد ايضا نيتهم لتشكيل تلك الدولة اذا ما توفرت لها الظروف والمناخات السياسية والامكانيات الاقتصادية المناسبة.واليوم بعد مرور اكثر من عقدين على تشكيل اول حكومة وبرلمان كوردستانيين وفي خضم الاحداث والمتغيرات الاقليمية والعالمية الجديدة في المنطقة وخاصة بعد سقوط نظام البعث بتعاون قوى المعارضة العراقية مع قوات التحالف الدولي ، اصبح تشكيل الدولة الكوردية اكثر وضوحا لمن يقرأ المتغيرات بشكل دقيق بعيدا عن العواطف والميول الشخصية والفئوية ، اذا ما اخذنا بنظر الاعتبار المتغيرات الجذرية التي تركتها ثورات الربيع العربي والاحداث في سوريا والمتغيرات الكبيرة التي طرأت على الساحة العراقية والعملية السياسية خاصة مع دخول كبريات شركات النفط العالمية الى اقليم كوردستان لاستكشاف واستخراج البترول ودخول الاقليم اسواق البترول العالمية سعيا لبناء اقتصاده الوطني استعدادا لتشكيل دولته المستقلة.اليوم اصبح الحديث عن تشكيل الدولة الكوردية بشكل واضح وصريح من قبل مراكز البحوث و المحللين السياسيين المحليين والاقليميين وحتى العالميين واصبحت الدولة الكوردية قاب قوسين او ادنى بحسب الوقائع على الارض .خلال السنوات الخمس الاخيرة قيل وكتب الكثير عن تشكيل الدولة الكوردية وهناك تصريحات كثيرة من قبل القادة الكورد خاصة رئيس اقليم كوردستان السيد مسعود بارزاني الذي صرح وفي اكثر من مناسبة ولأكثر من وسيلة اعلام محلية وعالمية ، ان تشكيل الدولة الكوردية حق طبيعي لشعب كوردستان ولكن الكورد لايريدون الانفصال عن العراق باللجوء للعنف واراقة الدماء بل عبر الحوار والتفاهم المشترك.خلال الايام القليلة الماضية وانا اتابع الشأن الكوردي من خلال وسائل الاعلام المختلفة قرأت مقالا لمحلل وخبير ايراني في الشؤون التركية والقفقاز حيث يقر وبشكل صريح بان الدولة الكوردية على وشك التكوين والاعلان.   لأهمية ماكتبه الخبير الكاتب والمحلل الايراني ارتأيت ان اترجم مقتطفات من المقال ، ليتبين للقارئ الكريم جدية مايعتقده الكاتب وفقاً للمعطيات على الارض . يستهل الكاتب مقالته بالعبارة الآتية ” هناك حدث كبير على وشك الوقوع بالقرب منا ونحن في غفلة تامة عنه ، الا وهو تشكيل الدولة الكوردية “وفي جانب اخر من مقاله يسرد الخبير الايراني حديثاً للرئيس التركي الاسبق نجم الدين اربكان في برلمان بلاده ويقول ” في عام 1992 كان الرئيس التركي الاسبق “نجم الدين اربكان” يتحدث في البرلمان التركي ونقل عن عقيد امريكي قضية تشكيل الدولة الكوردية ونقلا عن الحوار الذي دار بين الضابط الامريكي مع احد الصحفيين الاتراك قال اربكان : ان الضابط الامريكي اشار باصبعه على الخارطة التي كانت امامه الى حدود الدولة الكوردية التي ستتشكل في المستقبل واكد ان نظام البعث في العراق سينهار ويسقط وسيحصل خلل في موازين القوى في المنطقة وعندها سيشكل الكورد دولتهم.ويضيف الكاتب ان احداً لم يكن يتوقع ان يتحقق ما قاله اربكان ، لم يتصور احد ان يحصل الكورد العراقيون على اسلحة متطورة مثل ما نشاهده اليوم (ويقصد السلاح الذي تقدمه دول العالم لقوات البيشمركة لاستخدامها في الحرب ضد الارهابخاصة تنظيم داعش الارهابي) ، كما لم يتصور احد  بان اربيل ستكون احدى المدن الحضارية والمتطورة في المنطقة ، وكان لايخطر على بالنا ان يأتي يوم عند حصولنا على تاشيرة لزيارة كربلاء ستصدر التاشيرة باللغتين العربية والكوردية ، ولكن اليوم كل تلك التكهنات اصبحت جزءاً من الواقع.ويشير الكاتب الى تحقيق ماطرحه الضابط الامريكي على الارض بشأن سقوط نظام البعث المباد ويقول : عندما دخلت القوات الامريكية العراق فان المرحلة الاولى لما طرحه الضابط قد ترجم على الارض واصبح واقعا ، حدث فراغ في السلطة العراقية ، والكورد وضعوا خلافاتهم مع بغداد جانبا وعملوا من اجل ازالة التمايز والفوارق بين المواطن الكوردي والعربي في العراق.ويضيف الكاتب : في 16 تشرين الثاني 2013 زار رئيس اقليم كوردستان السيد مسعود بارزاني تركيا بدعوة رسمية من رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان  ، ولكنه لم يتجه الى انقرة ولا الى اسطنبول للقاء القادة الاتراك بحسب البروتوكولات المعمول بها ، بل توجه الى دياربكر احدى اكبر المدن الكوردية في تركيا وحضر مع اردوغان في احتفالاً جماهيرياً مهيباً والقوا خطابات للجماهير ، وكانت تلك الخطوة الاولى لأنفتاح الاقليم على تركيا بشكل كبير.في تلك الاثناء ايران ايضا تعاونت مع حكومة اقليم كوردستان رغما عن ارادتها ، لان فرض الحصار الاقتصادي من قبل امريكا وحلفائها ضد ايران ادت الى غلق وتعطيل جميع المنافذ الحدودية الايرانية ، لذلك اضطرت طهران الى البحث عن منفذ للتبادل التجاري ولم يكن امامها خيار اخر سوى فتح حدودها مع اقليم كوردستان العراق ، علاوة على ذلك شكلت زيارة علي لاريجاني رئيس البرلمان الايراني الى اربيل في 26 كانون الاول من عام 2014 ولقائه مع البارزاني انعطافة تاريخية في العلاقات بين طهران واربيل. ويتناول الكاتب الايراني الاحداث السورية ضمن مشروع الدولة الكوردية ايضا ويقول : في نفس الوقت اضحت سوريا ورقة متعددة الوجوه لمشروع بناء الدولة الكوردية ، من جهة مع ضعف الدولة المركزية في سوريا ، شكل الكورد السوريون تنظيمات سياسية وقوات قتالية خاصة لغرض الوقوف امام تحديات داعش الارهابي.ومن جهة اخرى الاحزاب الرئيسة في كوردستان العراق وتركيا الذين كانوا ضمن لائحة الارهاب الدولي سرعان ما اخرجوا من تلك اللائحة وادرجوا ضمن القوى المناضلة من اجل السلام وحقوق الانسان وكانت قمة هذا التحول في قضية كوباني ، وكان لتعاون بارزاني مع الكورد السوريون في الدفاع عن مدينة كوباني الاستراتيجية والحيلولة من دون سقوطها اهمية قصوى.كما يشير المحلل والخبير الايراني في مقاله، الى ماتسعى اليه واشنطن لتنفيذ مشروع الشرق الاوسط الكبير ويقول : واشنطن عازمة على ان تدخل الكورد ضمن منظومة حكومات المنطقة لتحقيق هدفها في تنفيذ مشروع الشرق الاوسط الكبير ، اي بمعنى ان امريكا وضعت خارطة طريق جديدة للدور الكوردي في العراق وتركيا الذي سيكون متباينا مع الدور السابق ، اي بمعنى ان واشنطن اصبحت على يقين بان الدولة الكوردية ستتشكل في المستقبل القريب.ان قضية تشكيل الدولة الكوردية اصبحت الان احدى القضايا المتداولة في اروقة مراكز البحوث والدراسات في المنطقة والعالم كما اضحت القضية عنوانا تفرض نفسها على المؤتمرات والحوارات الخاصة بقضايا الشرق الاوسط ، وقضية الاستفتاء الذي ينوي اقليم كوردستان اجراءه خلال العام الجاري بشأن مصير الاقليم و المتغيرات الجديدة في الخارطتين الجيوسياسيتين العراقية والسورية خاصة بعد دحر داعش في الموصل والرقة ، يظهر جليا ان ما ذهب اليه الكاتب الايراني هو عين الصواب ، وان الدولة الكوردية اصبحت على وشك التكوين ، ويعتقد الكثير من المراقبين والمحللين السياسيين ان شرف اعلانها سيكون لرئيس اقليم كوردستان السيد مسعود بارزاني.

أحدث المقالات

أحدث المقالات