فشل الأحزاب والقوى السياسية الشيعية المتمسكة بزمام الأمور منذ 2003 في طريقة ادارة البلد وانتشارالفساد والمحسوبية والمنسوبية بشكل مرعب وتراجع الخدمات منذ التغيير ليومنا هذا فضلا على اسعار السلع وغلاء المعيشة وانتشار البطالة والمخدرات بين الشباب العراقي بشكل لا يطاق كل هذا خلق حالة من الرفض الشعبي لتلك الأحزاب واصبح توجيه الانتقادات اللاذعة من جميع شرائح المجتمع للطبقة الحاكمة حديث الشارع العراقي.
توج هذا الرفض والأستياء في قيام الجماهير العراقية بتنظيم تظاهرات الشعبية اندلعت شرارتها في 1 تشرين الأول 2019 والتي كادت ان تنسف النظام السياسي الجديد برمته واقتلاع جذوره لولا التدخل الأقليمي عبر بعض الميليشيات والقيام بقتل اكثر من (750) شاباً عراقياً واصابت اكثرمن 17 الف بجروح من بينهم حوالي (3000) اعاقة جسدية فضلا على اعتقال عشرات الألآف من الشباب المحتج وخطف الآف آخرين وذلك في عملية قمع شديدة لم يشهدها العراق خلال حكم النظام الدكتاتوري البعثي.
وخلصت مطالبات المتظاهرين بالقضاء على الفساد بشكل جذري وتقديم الخدمات للمواطنين وتوفير فرص العمل لحشود الشباب العاطلين عن العمل من حملة الشهادات في اختصاصات مختفلة وكذلك غيرالخريجين كحق مشروع للمواطن الذي ذاق سنوات القتل والرعب والحروب خلال فترة نظام البعث.
ونتيجة استمرار الأحتجاجات وفي خطوة سريعة لتهدئة الغليان الشعبي، اعلن رئيس الوزراء عادل عبد المهدي عن تقديم استقالته من رئاسة الحكومة في 30 تشرين الثاني وفي يوم الثامن من تشرين الأول 2019 صوت مجلس النواب العراقي وباكثرية الآراء على حل مجالس المحافظات استجابة لمطلب الجماهير الغاضبة فضلا على اعتبار ضحايا المتظاهرين “شهداء” و منح قروض ميسرة لأعادة تشغيل المصانع،فضلا على اعادة المفصولين من قوات الشرطة والجيش الى الخدمة وغيرها من الأمتيازات لتهدئة الشارع العراقي.
لقد اثبتت السنوات التي تلت حل مجالس المحافظات ان هذه المؤسسة حلقة زائدة و وجودها لا يصب في خدمة البلد والمواطن،كونها كانت بؤرة للفساد والمحسوبية والمنسوبية وبورصة لبيع وشراء المشاريع والمقاولات ،بحيث بعد حل تلك المجالس وتصدي المحافظين مباشرة لمهام ادارة المدن افضل بكثير من فترة وجود تلك المجالس التي كانت منشغلة بالصراعات الحزبية من اجل المكاسب الشخصية والحزبية ،واصبح المواطن يلمس حركة عمرانية وخدمية لا بأس بها على ارض الواقع رغم استمرار الفساد وتدني مستوى الخدمات التي لم تصل لحد يومنا هذا للمستوى المطلوب.
ان حصول محافظي البصرة و واسط وكربلاء ونينوى كأشخاص على اكثرية اصوات الناخبين في انتخابات مجالس المحافظات الأخيرة وتراجع رصيد الأحزاب الفاسدة في كسب ثقة الجماهير في تلك المحافظات لهي دلالة واضحة وبرهان قاطع على ان ثقة المواطن بالمحافظين كأشخاص اكثر من الأحزاب المتصدية للمشهد السياسي، لما قدموه من مشاريع وخدمات للمواطنين في فترة غياب مجالس المحافظات،وفي حال تشكيل الأقاليم في المحافظات التي عاقبت احزاب الفساد في الأنتخابات سيشهد المواطن تحول كبير وتغييرجذري في جميع القاطاعات الخدمية والأنتاجية،لما تمنحه الأقاليم من مساحة كبيرة لحرية العمل للمحافظين ومسؤولي الوحدات الأدارية الأخرى في اداء مهاماتهم من جهة و وضع مراقبة صارمة على خططهم وعملهم ومشاريعهم ومنجزاتهم من جهة اخرى.