23 ديسمبر، 2024 1:22 ص

تشرين ليس مجرد ثورة

تشرين ليس مجرد ثورة

عرف العالم الثورات منذ نشأته وراح يستمد منها القيم والمعنويات منطلقاً نحو سماء الحرية، فما بين ثورة كاوه الحداد والثورة الفرنسية، انطلقت آلاف الثورات التي قد لم نسمع عنها شيئًا او وضعها التأريخ والمأرخون في إدراج النسيان، إلا أن ذلك لا ينكر وجودها. تتوقف الثورات على درجة الوعي وكمية الظلم والاستبداد الذي يقع على عاتق الشعب أو الفرد الثائر. في بغداد وبعد عام على انطلاقتها، رفعت الخيم لكن الاصوات الصادحة مطالبة بالاصلاح لم تجف بعد. تشرين الثورة، هكذا عرف الشهر في العراق بعد احتضانه لحراك شعبي تمرد على منظومة الظلم والقهر والاستبداد التي بقيت جاثمة على صدور العراقيين لقرابة العقدين من الزمن . اليوم وبعد أن خفت لهيب الثورة شعر بعض الساسة بالارتياح، ارتياح مؤقت أو استراحة محارب لثوار يستعدون للجولة الثانية والحاسمة من النزال، هكذا اراها بعد حالة القنوط التي وصل إليها العراقيون نتيجة دوران عجلة الإصلاح بشكل بطيء او توقفها في اكثر من مناسبة بسبب ضعف ارادة تنفيذ الخطوات الإصلاحية التي تصطدم بعقبات صنعتها ايادي احزاب السلطة التي تسعى لتعظيم امكانيتها على حساب امكانيات البلاد . وبرغم الضحايا التي قدمتها تشرين الثورة، إلا أنها استطاعت توحيد العراقيين في أول مناسبة لهم بعد 17 عامًا من تشتت موقفهم تجاه الوطن وهذا بحد ذاته حلم طال انتظاره ، وها نحن ننتظر تحقيق المزيد من الأحلام بعد أن استعدنا الوطن مثلما أراد التشرينيون والعراقييون بشكل عام. أطفأ العراقيون قبل ايام الشمعة الأولى من عمر الثورة التي حققت الكثير من الإنجازات المادية والمعنوية ، ابرزها الإطاحة بحكومة عبد المهدي وجلب حكومة الكاظمي وهذا بحد ذاته انجاز يحسب للربيع العراقي ، اضافة الى ارعابها للفاسدين ودفعها السلاح المنفلت الى الاندلاس في الاغماد. كما ان الانجاز الابرز الذي حققته تشرين هو :كسر حاجز الخوف لدى المواطن حتى من عمليات القمع فضلًا على عدم استشعاره بحجم ومكانة السلطة بعد ان كانت الأخيرة تتجاهل مطالبه حتى البديهية منها . ولترشين حسنات اخرى على العراق والعراقيين تنطلق من فك القيود عن طريق تفكير المواطن العراقي ولا تتوقف عند وأد الطائفية والدفع بإتجاه الحياة المدنية بعد سنوات من هيمنة رجالات العشيرة والدين على مكامن صناعة القرار في البلاد .