من الحماقات العظمى التي يتم إرتكابها من قبل الأحزاب والسياسيين وغيرهم، هو تسييس العواطف والإنفعالات، لأن هذا السلوك سيؤدي إلى تداعيات مروعة.
فعندما تتحول الكراهية إلى سياسة، فذلك يعني زج الناس في السجون والمعتقلات وقتلهم على الإسم والهوية وما شاكلها من التوصيفات والمسميات.
ويعني أيضا أن يتم تأهيل أبناء المجتمع الواحد للعدوان على بعضهم ومحق وجودهم أجمعين.
ومن المآسي التي تسقط في شراكها المجتمعات، أن أحزابها وساساتها يوظفون العواطف والإنفعلات في برامجهم التي يسمونها سياسية، وما هي إلا عدوانية وتدميرية لا تخدم أي طرف في الساحة السياسية.
وبسبب هذا السلوك تضعف الشعوب وتتداعى قدرات البلدان.
فالسياسة ليست إستثمارات في العواطف والإنفعالات السلبية للناس، وإنما هي نظام عام يهدف إلى توظيف الطاقات والقدرات لتلبية الحاجات الشعبية والوطنية والحفاظ على المصلحة العامة.
وقد مرت بعض المجتمعات في المنطقة في مسيرة التدمير الذاتي والوطني، لأنها إنتهجت هذا الطريق الخطير، فشاع عندها القتل وتفااقم الإرهاب وحل الدمار في أرجاء البلاد، وغادر الناس بيوتهم ومدنهم ووطنهم فصاروا حائرين في بلاد الغربة والمهجر.
ومن الواضح أن المجتمعات القوية ذات يقظة عالية ونباهة فائقة ، تجاه أية نية أو نزوع نحو إستغلال العواطف والمشاعر، وتوظيفها لأغراض بشعة فتاكة لا تخدم المصلحة الوطنية.
وبهذا تراهم يواجهون أية مفردة أو عبارة أو تصريح يرون فيه هذا الإتجاه بقوة وغيرة وطنية وإنسانية عالية.
فلا يمكن لكاتب أو صحفي أو سياسي، أن يتجرأ على الحديث في موضوعات تشير إلى تأجيج العواطف السلبية , وتسخيرها لغايات سياسية خفية وأجندات مستترة ، وبرامج عمل لتحقيق مصالح هذه الجماعة على حساب الآخرين , أو لإشاعة الفرقة والتصارع ما بين أبناء المجتمع.
أما المجتمعات المتأخرة فأنها لا تنتبه ولا تواجه ، وإنما تنحدر مثل الماء إلى حيث يمكنها أن تنحدر، فتكون قوتها سلبية تخريبية وإنجازاتها إنتحارية , لأنها حولت القوة البناءة إلى قوة مدمرة بعد أن حشرتها في بركان العواطف والإنفعالات وحررتها من إرادة العقل والتعقل، وقتلت الحلم والحكمة وألغت المصلحة العامة وغيّبت معاني الوطنية والمواطنة.