18 ديسمبر، 2024 8:47 م

تسويق القائد المكوناتي

تسويق القائد المكوناتي

لست هنا بصدد الحديث عن نظريات القيادة وفاعليتها وموقعها والنتائج المترتبة على نجاحها وفشلها ولكن من باب جملة المقارنة لمعرفة الطقس القيادي في العراق خاصة وان داعش في طريقه للأفول بعد ان سيتم اخراجه من آخر معقل في العراق له (الموصل) , حيث نجد التحرك واضح وبشكل حثيث لتسنم رتبة القيادة في عراق ما بعد داعش ,ولكن هذا القائد الذي ينتظر منه الظهور على شرفة الحدث داخل العراق ,واذا اردنا ان نعرف هويته (القائد) ونمطه اعتمادة على النظريات الحديثة للقيادة نجده مراوحا عند النظرية الاولى التي انقرض العمل بمؤداها (نظرية الصفات الشخصية) على نحو مستقل ولكن يتم توجيه هذه الصفات التي توجد بشكل متفاوت عند المتصديين للقيادة لخدمة رؤية براغماتية تعتمد الذات الحزبية وصولا للمجد الشخصي , اما ما يحقق ذلك في هذه المرحلة هو صفة (القائد المكوناتي) وهومصطلح وفهم اوجدته بوضوح ظروف ما بعد نيسان 2003 ,ولكي تتضح الصورة اليوم حول هذا القائد وقدراته الترويجية وتزامنا مع قرب تحرير نينوى فاننا يمكن لنا الوقوف عند المحاور الرئيسة التالية : اولا , المحور الكردي حيث تشكل دعوة زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني وبعض قياداته لأجراء استفتاء بشأن استقلال اقليم كردستان وتكشف هذه الدعوة في بطائنها عن رغبة بتغيير طقس العلاقة الرابطة بين الاقليم والحكومة الاتحادية بعد غياب واضح للمشتركات في سقف الرؤى بين الجانبين سواء فيما يخص الجانب السياسي او الاقتصادي ,وهذا بحد ذاته ترويجا لصاحب الدعوة وتصدير له كقائد للمكون الكردي بعد الاكتواء بنار السياسة السابقة وضعف حظوظه كقائد وزعيم, ثانيا :محور (كتلة متحدون) برئاسة النجيفي حيث دعت الى تشكيل اقليم يضم مناطق محافظة نينوى وهي دعوة ملامحها واضحة في استعادة اضواء التركيز على هذه المحافظة بعد وقوعها تحت سيطرة داعش ومع الاستعادة يكمن هدف مستتر يتمثل في اعادة الضوء للموقد الحزبي المسيطر في تلك المنطقة وهو ما يساهم في تكوين قيادة ليست بالجديدة ولكن برؤية متغيرة عن السابق للمكون السني ,وهذا ايضا جهد ترويجي لقيادة هذا المكون (السني) ,ثالثا : محور (المجلس الاعلى) وحراكه المحموم والدقيق في اعادة بناء التحالف الوطني بعد تسمية رئيسه (عمار الحكيم) زعيما له ,حيث اثارت تحركات المجلس الاعلى حيال تفعيل التحالف الوطني الكثير من التساؤلات والاستفهامات اهمها محاولة المجلس الاعلى جعل التحالف الوطني بديلا عن الحكومة من خلال تقويته وتدعيمه على حساب المنظومة الحكومية فضلا عن دعوة زعيم التحالف الوطني المعلنة والمضمرة الى تفعيل الملفات المهمة كالملف التشريعي والملف الحكومي وملف المحافظات والملف الاعلامي وملف جهود التحالف الوطني (وهو ملف مهم وفي غاية الخطورة خاصة وانتخابات مجالس المحافظات على الابواب) وملف العلاقات الوطنية وملف العلاقات الخارجية مع دول المنطقة والعالم فضلا عن ملف الاستراتيجيات الامنية ودور الحشد الشعبي ,وفي هذا الملف (الحشد الشعبي ) يجد محور المجلس الاعلى تنافسا واضحا في تسييره وتفعيله من قبل المحور الرابع (ائتلاف دولة القانون) برئاسة المالكي والذي بدء دوره يتنامى وبشكل غير معلن خلال هذه الفترة حيث انه ورغم ما اثير حوله من اشكاليات الا انه يعمل بقوة الكارزما مسوقا ذاته الحزبية والقيادية كقائد مكوناتي واضح الملامح وهو قبل غيره تنبه الى ضرورة التفكير في مرحلة ما بعد داعش الارهابي وانحسار المناطق التي يسيطر عليها هذا التنظيم ,اما المحور الخامس فهو محور الدكتور العبادي الذي يراهن على الانتصارات الواضحة للقوات الامنية والحشد الشعبي وايضا يراهن على الدعم الدولي الواضح خصوصا من الجانب الامريكي متوجا اياه بزيارته الاخيرة الى نيويورك ولقاءه بالرئيس اوباما وهذا بحد ذاته ترويجا لقيادته ضمن ثقافة المكون الشيعي , رئيس مجلس النواب (سليم الجبوري) هو المحور الخامس فانه يجد منافسة من المحور الثاني (النجيفي) خاصة وانه بات واضح التوجه كحليف للتحالف الوطني بعد زيارته لأيران وهذا ما يجعل رصيده كقائد مكوناتي (للسنة) اقل رجحانا من غيره مع اخذنا بنظر الاعتبار اللوبي الذي يشكله مزيج الشخصيات السياسية السنية المعارضة للعملية السياسية ضده (اي الجبوري) باعتباره صفوي التوجه كما يزعمون ,وثمة محاور اخرى نتحدث عنها في مقال اخر ,ولا ننسى مكونات اخرى تبحث عن قائد مكوناتي (سوبرمان) لتستفيئ بظله .