23 ديسمبر، 2024 5:22 ص

تسوية المنبطحين، وتسوية نبي الرحمة

تسوية المنبطحين، وتسوية نبي الرحمة

مهازل العملية السياسية في العراق كثيرة، وتناقضاتها أكثر، وأسوأ ما فيها الصناعة المخترعة الجديدة، وهي عبادة الأصنام البشرية التي لا تستحق حتى متابعتها، وأصبحت لها معامل إعلامية بكوادر متكاملة، وبرواتب مجزية، وإنتاجها كمي هائل، تيمناً بمقولة أكذب أكتب أكذب اكتب حتى يصدقك الآخرون، ومن لم يصدق بكذبك فهو كافر بشهادة مختومة بختم مقدس، وهذه الأصنام المصنعة يتم طلاؤها بالقدسية، لكي لا يتم التعليق عليها، أو مناقشة تصرفاتها…
وربما لا يعلم البعض أن واحدة من أسباب مأساة العراقيين، وعودتهم إلى قرون خلت هي سيطرة الإسلام السياسي المقدس، الذي اقترن بالسرقة، وتحليل الحرام، لأن المال مال الله، وهؤلاء هم جنود الله وقادة رسالته إلى البشرية في العراق، ولهم كامل الحق في التصرف بهذه الأموال، وتوزيع فتاتها على هؤلاء المرتزقة في معامل التصنيع الإعلامي التي أشرنا لها في بداية المقال، وتوزع على أبطال مسرحياتهم، وجمهورها الذي لا يمل من التصفيق لأي عطسة عطسها القائد المحنك المقدس.
والعلاقة بين هؤلاء العبيد، وصنمهم قريبة من علاقة الراعي والماشية، مع احترامنا للراعي والماشية لأنهم يأكلون من حلال طيب…
لذلك أخذت بعض هذه المواشي بكتابة مقالات، ومنشورات تمجد راعيها، ومطعمها، وتشبّه التسوية التاريخية وأبطالها بتسوية الرسول محمد ص مع كفار قريش…! ولا نرد عليهم في جريمتهم، لأنهم ماشية تتبع راعيها، ولكن نخاطب الرأي العام من خلال أسئلة وآراء نطرحها كمتابعين للشأن السياسي، فنسأل:
هل كان محمداً سارقاً لأموال وأملاك القوم حتى احتاج إلى التسوية، لكي يحتفظ بامتيازاته …؟
وهل تسوية محمد سبقت الفتح، أم بعد الفتح…؟ يعني هل كانت قبل القضاء على الدواعش، أم بعد القضاء عليهم؟.
وهل كانت تسوية محمد(ص) مع الكفار مفروضة عليه، أم أنه عقدها وهو منتصر انتصاراً حقيقياً؟
وهل فرض أحد بنودها عليه من الكفار؟
وهل عفا محمدً عن الكفار، وهم لا يزالون على كفرهم، ويحملون السيوف التي يقاتلون بها المسلمين، أم إنهم تابوا وأسلموا، وأصبحوا عُزلاً من السلاح؟…
وهل كان محمد يسيء إلى المعارضين للتسوية من الصحابة المجاهدين، الذين فتحوا مكة معه؟ وقد كان لهم رأي مخالف قليلاً عن رأي الرسول، وهو الذي لا ينطق عن الهوى كما هو حال صاحبكم، الذي ينطق بناءً على مصالحه الضيقة.
نعم فكل شيء أصبح مباحا في العراق، فالهنود مع احترامنا لهم يعبدون البقر، فلا نستغرب في العراق اليوم أن يُعبد البشر…! ولكن مع ملاحظة الفارق الذي يصب في مصلحة الهنود، فعلى الأقل أن البقرة تأكل القليل وتعطي الكثير، الذي يغذي البشر، ولكن سياسيي العراق(المقدسين) يأخذون، ويسرقون الكثير من دون أن يعطوا ولو جبن مثلثات واحد مجاناً في سبيل الله.
ولكن مع كل هذه المصائب، لابد من القول في النهاية أن التسوية التاريخية الحقيقية، هي التي تكون بين السياسيين شلع قلع، وخاصة الحيتان منهم، وبين الشعب العراقي، حيث تقدم التنازلات من قبل السياسيين من خلال إعادة كل المسروقات، بالنسبة للحرامية، والمسروقات، والدية بالنسبة للحرامية القتلة، مقابل العفو عنهم، والسماح لهم بالاستمرار بالعملية السياسية كخدم للشعب العراقي، وليس كأصنام تعبد وهي لا تنفع، بل بالعكس هي ضارة.