18 ديسمبر، 2024 6:05 م

تساؤلات مجنون !

تساؤلات مجنون !

لم أنفك من محاولاتي عبثاً للإجابة عن تساؤلات ما زالت عالقة في ذهني حتى الساعة أرتب لها الاحتمالات وأضع لها الفروض دون وعي مني!. من نحن…؟ لماذا خلقنا في هذه الكرة الأرضية ..؟ ولماذا نعيش فيها لتكون بانتظارنا أقبية صغيرة مظلمة ؟ ولماذا … ولماذا …. الخ كأني بهذه التساؤلات ذلك الحصان البليد الذي يهرول في الطريق دون أن يلتفت الى الوراء, وكأني بهذه التساؤلات ذلك المهرطق الذي خسر كل دعوته بعد ان بذل كل الجهود في سبيلها (ان لم تكن المحرقة بانتظاره …) .ربما هو العدم يقودني الى هذه التساؤلات بعد ان سلمت بأن الإجابات هي الأخرى من نصيبه !, أما الوجود فكنت أدرك مغزاه عندما أتأمل قطرة ندى تتدلى من غضن مهجور , ورذاذ مطر يتسلل لنافذتي غازياً , وبركة نائية أرمي عليها الحصى تلو الآخرى مستلهماً بذلك جمع شتات خواطري التي لو لا هذا الوجود لما أبصرت النور !. في الليل سرعان ما استلقي على جداري أشعل بزهوٍ غليونتي أتأمل دخانها الأزرق وأعيش كل لحظاته, وأترقب سكون الظلام مندمجاً مع حساب نجومه علي أتبين الرقم الحقيقي لها !, وعند طلوع الصباح سرعان ما تعاودني هذه التساؤلات دون سابق إنذار ولم يكن أمامي للخلاص منها غير الذهاب الى الحانة القريبة من بيتي كل يوم أرتوي من نبيذها العتيق وأردد جملاً عبثية لم تعد تنفع غير كهل مثلي يقاسم السكر مع الخيبة في كل زقٍ يحتسيه .
كنت منذ صباي هائماً بين صفائح القمامة أبحث عن بقايا كتب وصفحات جرائد أفترشها عندما أنام تحت أرصفة الشقاء وأنثرها على موقد النار عندما يحل جبروت الشتاء ,كنت منذ صباي أمقت الكتب المدرسية التي ما زالت تمثل لدي هاجس قلق وسأم الى اليوم كلما أحدق في سطورها وأتأمل رسومها لأني ببساطة لم أحصي شيئاً منها غير الرسوب وكل ما كان ينتظرني من عقاب يتراوح بين الضرب بالعصي تارة والتقريع اللفظي تارة أخرى ولم يكن أمامي في ذلك الوقت غير الهرب والبقاء في العراء طوال النهار في انتظار الليل الذي سيجبر ساقي على العودة خلسة حافي القدمين !.
الحقيقة: كنت دائماً أبحث عنها في جميع الوجوه التي أصادفها بل في كل الأشياء البسيطة المتاحة أمامي لكني لم أعثر على شيء منها غير سراب يهرب من أمامي كلما خطوت نحوه … أما الخيالي فكنت ألتجئ إليه بين الحين والآخر ليس هرباً من هذا السراب
وحسب بل لأسرح معه نحو تلك (القصور الفارهة) و(المعابد الأسطورية) التي تقيم فيها ملكات قديم الزمان أرتشف أكسيرهن واستحم من عطرهن وأمثل لهن دور العرافين والمنجمين أقرأ لهن الطالع تلو الطالع… بدراية بقراراتهن بأن نبوءاتي لا تعدو مجرد تسالي يتشبثن بها هرباً من شبح الفراغ !.
الهاوية :هي كل شيء منبتنا الوحيد ونهايتنا الحتمية نسبح في شواطئها الفسيحة كل لحظة ونبذر في أرضها الجرداء , و نحفر فيها الجداول والأخاديد , نفعل بها ما نشاء دون دراية منا بأنه سيأتي اليوم الذي تبتلعنا فيه لنغدو بهذه النهاية المأسوية مآثر وأساطير يتغنى بها الشعراء والعشاق !.
أما اليوم فقررت ان أكرس كل أوراقي وقلمي للمجانين فقط وكل ما يتعلق بهم أرثي لحالهم وأنادي برفع المظالم عنهم , كوني أعيش خارج المصحات التي يقبعون فيها لا أعاني من هول الصعقات ولا من المهدئات كما هو الحال لديهم , رغم يقيني التام بأني سأساق الى ذلك العالم الموحش في يومٍ من الأيام !.