كيف سيبرر رئيس الوزراء نوري المالكي الخرق البروتوكولي الخطير في زيارته الى الهند، و ماذا سيقول عن ” العلاقات المتميزة” في لقاءه ” القسري ” مع المواطنين اليوم الأربعاء، هذا التقليد غير المسبوق في التعاطي السياسي الرسمي، حيث تنتظر الشعوب مسؤوليها للاعلان عن انجازات مهمة في تحسين الظروف الأقتصادية و تبرير القرارات السيادية بعيدا عن ” طهي الحصى” على الطريقة العراقية التي افقدت هيبة الدولة من محتواها على خلفية وعود لا تطبق.
ومتى يصارح رئيس الوزراء شعبه في المخالفات الدستورية التي ليس اقلها شأنا ” الغياب المزمن” للرئيس جلال الطالباني و كأن نفقات علاجه و اقامته” المفتوحة” ليست من التكاليف الأضافية للمتبقي من موارد الدولة العراقية، مقابل مخالفات دستورية لا تنتهي عند تبرئة ساحة بعض السياسيين المتورطين بكل اشكال الفساد طالما صفقوا لبقاء الحكومة ، وكأن دماء العراقيين و ثوراتهم أضحت وسيلة للأبتزاز بلا ثوابت وطنية!
و متى يضع المالكي اليد على الجرح و يقرر اقالة كافة المسؤولين عن الملف الأمني بعيدا عن المجاملات الحزبية و الشخصية،و لكي لا يتحمل وزرا اضافيا في سفك الدماء المتواصل ، وبما لايشعر المواطن بان الحكومة تستغفله صباح مساء بتبريرات غير منطقية، أو أنها ” تضحك ” على مشاعره بشعارت مذهبية، وقرارات يتم تسويفها بمزايدات متسيبين يحددون كل شيء بنسب ارباح الفساد و آتاوات الأبتزاز باسم قانونهم الشخصي، لذلك تؤصد ابواب اعادة المتغيبين الى الأجهزة الأمنية بذريعة عدم وصول الضوابط القانونية الخاصة بقرار العفو ،الذي اسبشر به خيرا الكثير من ” الملظومين” قبل ان يتحول الى كابوس جديد يفقدهم المتبقي من الأمل في مركزية القرار الرسمي أو احترامه أصلا!
و متى يعرف رئيس الوزراء أن ” المصفقين” مراوغون لا يبنون دولا بل يعجلون في هدم البيت من القواعد لأنهم ” أمتهنوا” المجاملة و تبويس اللحى والكسب غير المشروع، فيما الصحيح أن يستفيد المالكي من أخطاء غيره بحكمة الراغب في حماية سمعته و تنفيذ توجيهاته، و أن يصدر قرارا يجعل من المداهنة الشخصية جريمة كبرى طالما تضر بمصلحة الوطن و المواطن، ورفض تحويل الأجتهاد الشخصي بديلا عن السياقات المهنية!!
و تطول قائمة الأستفسارات لكننا سنتوقف عند سؤال أخير.. متى يشعر العراقي بأنه في وطن تصان فيه الحريات و لا تكتظ السجون بالوشايات الحزبية و التسقيط الطائفي بين شركاء يذبحون بعضهم البعض للفوز بالمنصب منعا للملاحقات القضائية؟
ربما سيتهمنا البعض بتحميل رئيس الوزراء دون غيره مسؤولية تردي الأوضاع في العراق، وهي تهمة نقبلها عن طيب خاطر اذا كان القصد منها رفض تاشير عناوين الخلل من باب المجاملات و تطييب الخواطر، رغم قناعتنا بأن المالكي يجتهد بما لا يكفي لفضح مماحكات حتى المقربين، لذلك انتظر العراقيون قرارات جريئة ضد المتورطين في الكهرباء و الأمن بلا نتيجة عملية،ما يضع على عاتق رئيس الحكومة واجب الذهاب بعيدا في تطبيق القانون على المقربين قبل غيرهم، ومنع التبريرات العبثية كي يتقرب الى الشعب بالأنجاز الصحيح لا الخطابات الانتخابية في ربع ساعة أخير من عملية سياسية غير موفقة لأنها بنيت على جرف هار وغير عراقي!
لدي قناعة شخصية سيعاتبني عليها كثير من الأصدقاء و ربما يرمونني بحجر المجاملة و التملق ايضا، وهي ان المالكي ليس طائفي الهوى بالدرجة التي تصورها ملامح وجهه في الخطابات الرسمية، التي تحوول دون رسم ابتسامة على محياه وكأنه في معركة مع شعبه، فيما الصحيح أن يعرف المالكي أن خصومته تبتدعها عقول مقربين لم يتواصلوا مع شعبهم منذ أن نزعوا جلودا و لبسوا غيرها، وهو ما يتطلب من رئيس الوزراء مواجهة الحلقة الأقرب بأخطائها و اعلان ذلك على الملأ كي يمد جسور الثقة غير المفتعلة مع شعبه!
لم يكن رئيس الوزراء رجل دين في المعارضة كي يقبل هذا التداخل في الصلاحيات بين الحكومة و المرجعيات، ولم نعرف سببا يمنعه من ايقاف زحف الدين على السياسة بفهلوة مقربين تنقصهم الآهلية المهنية والشعبية فلم يجدوا ملاذا غير الطائفية، ما يضع بين قوسين كبيرين دستوربة القرارات و البلطجية السياسية، التي نعتقد أن المالكي يرفضها لكن تخندقه الحزبي يحوول دون قمعها، وعليه فأنه بأمس الحاجة الى استراحة محارب يتنفس خلالها برئة عراقية ، عندها فقط سيكتشف طابورا من المنافقين اساءوا اليه قبل اجهاضهم لمشروع الدولة العراقية المدنية!! قائمة طويلة من التساؤلات تنتطر اجابات محددة من رئيس الوزراء لانهاء معضلة حكومة تعيش على الطواريء و القرارات الأنتقائية .. و الله من وراء القصد!!
رئيس تحرير ” الفرات اليوم”
[email protected]