23 ديسمبر، 2024 12:41 م

تساؤلات عن الفترة المغيبة من التأريخ العربي القديم

تساؤلات عن الفترة المغيبة من التأريخ العربي القديم

منذ تدوين التأريخ العربي القديم ولحد الآن حفظ لنا المدونون والمؤرخون كثيرا من الحقائق والوقائع التاريخية التي حفظتها بطون الكتب والرقم الحجرية والرقاق القديمة والجلود حياة العرب منذ القدم وآثارهم وتراثهم المجيد التي أرخها لنا المؤرخون بكل دقة ومهنية من خلالها عرفنا تراثنا وأنسابنا وتأريخنا وواقع آبائنا وأجدادنا السياسي والاجتماعي والجغرافي والديني على حد سواء على امتداد أراضي شاسعة ومترامية الأطراف حيث بنو حضارتهم وأحدثوا فيها من تقدم وأحداث غيرت مسيرة حياتهم نحو الأفضل وبناء حضارة عرفتها البشرية والإنسانية في حقب كثيرة من الزمن بتواريخ قديمة وتدوين على قدر عالي من الدقة والتنظيم ما زالت كثيرا منها شاهدا على عصرها . لكن المتتبع لتدوين الأحداث التاريخية قبل ولادة الرسول الأعظم محمد بن عبد الله ( صلوات الله عليه ) أخذت الأحداث والشواهد المهمة في التدوين ومعرفة تواريخها يشوبها الكثير من الغموض والإرباك والتضارب في الأرقام والتغييب والتعتيم في بعض الأحيان على الأحداث المهمة التي نحتاجها اليوم بعد مرور هذه السنون الطوال لأنها أحدثت الكثير منها شرخا في حياتنا المعاصرة التي لا نستطيع أن نستقر عليها كونها مصدر شك وبعدا عن الواقع ولا تلاءم المرحلة التي عاصرتها حيث لم يصلنا عن هذه الأحداث المهمة والمحطات من حياة العرب الذي عاشها النبي الكريم قبل الولادة ولا بعدها ولا وجود رؤيا واضحة عن نشأته المباركة ولا الرجال المهمين الذين أحاطوا به فترة ولادته ولا بعدها وحتى مماته مختلف فيه وتأريخ ولادته سوى التخمين وهذا الاختلاف في التقويم الهجري والميلادي ولا عن معركة الفيل وأين أبتلع الفيل ومن قاد المعركة ضد أصحاب الفيل من العرب وأهل مكة وأين وقعت المعركة وما دور بنو هاشم المتسيدين على مكة المكرمة حينها وهذا التضارب في المعلومات في كيفية تربية النبي محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في السنوات الأولى من عمره وأين وكيف عاش ولا عن عشيرته ومحيطه وأجداده من عبد مناف وعبد المطلب وأبا طالب عليهم السلام ألا يُعقل كما يروون لنا المؤرخون بأن أبا طالب في ضحضاح من النار وهم رعاة وحماية والامتداد النسبي لصاحب الرسالة الألهية الكونية وهم كفرة ؟ ماتوا على الشرك والكفر ولا نعرف مدى تقبل الديانات التي عاصرت فترة النبوة وقبلها وفترة الرسالة والتبليغ التي أحدثت شرخا كبيرا في بنية قومه العرب من الناحية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والدينية وما تأثير رسالته على الديانات المعاصرة له . أما ألآن وبعد مرور أكثر من ( 1000 سنة ) أو أكثر من كتابة التأريخ من حق الجيل الجديد والقادم أن يتساءل عن هذه الفترة المغيبة والمجهولة والمسكوت عنها من الـتأريخ العربي القديم وحياة الصحابة والتابعين الأجلاء الذين رسموا الأحداث الإسلامية وأفكارهم وطروحاتهم التي تخص الرسالة المحمدية المقدسة التي أنقذت البشرية في حينها وبنت مجتمع عربي أسلامي مترامي الأطراف من الجزيرة العربية ما بين البحر الأحمر والخليج العربي وبعدما عرفت هذه الأجيال أن التأريخ العربي كُتب في العصر العباسي الأول وفي نهايات العصر الأموي وبالتحديد في زمن أبو جعفر المنصور العباسي في فترة سياسية مضطربة جدا وصراعات دموية وفكرية وعقائدية سالت على أبطحها الدماء وراح ضحيتها عقول وأطاحت برجال كان لهم الدور الريادي في الفكر العربي والإسلامي حيث لا يمكن أن تُلغي عقول هذه الأجيال الجديدة وتُفرض عليها أفكار كانت تعيش في أوساط معيشية واجتماعية بمغريات دينية ودنيوية بسيطة وتأخذ جزءا كبيرا من هذا التراث العربي المشوه وتلك الأحداث التاريخية على علاتها وثغراتها موضع القبول لذا يجب على المفكرين ورجال الدين والمؤسسات المعنية بهذا الصدد أن تعيد لهذه الأجيال الجديدة الثقة بتأريخ أمتها ودينها ورجالها واحترام عقولها في البحث والتقصي عن الحقائق التي تعيد للتأريخ رونقه وتنقيح ما علق به من شوائب وإبراز ما سكت عنه الكثيرين من المؤرخين سياسيا وعن الموروث الفكري الذي فُقد عن قصد ودراية مدروسة في تغييبه وضياعه لجعل الأمة الإسلامية والعربية مهزوزة الشخصية وغير واقعية ومنطقية ومتخلفة بأفكارها بعدما كانت ذات حضارة مشعة للغير وأن تجعل رجال القرون الماضية ومفكريها أصناما يُعبدون ويُفرضون على الواقع الفكري الحالي وتقبلهم على أنهم قادة الفكر العربي والرعيل المقدس الذي لا يمكن المساس به وقدسية مؤلفاتهم وطروحاتهم حكرا للأمة على مدى الزمان التي علا عليها غبار التحريف في زمن ذات متغيرات في الواقع الجديد وسلب جهود كل من تسول له نفسه وعقله في الوقوف ضدهم أو تصحيح أفكارهم أو انتقادهم كونهم مقدسون عند الأغلب الأعم من الجهات التي تدعم أفكارهم أو تراعي مصالحهم ومؤسساتهم الدينية .فأن من غير الممكن أن تقنع الأجيال الحالية وبهذا العصر المتطور أن الرسالة المحمدية بقائدها محمد بن عبد الله عليه أفضل الصلاة والتسليم تُختصر بستة أو أكثر بقليل من أحداث أرخت ووصلت لنا وكلها مختلف عليها وهذا الكم الهائل من السيرة النبوية الشريفة المختصرة من حياته منذ ولادته ووفاته وزواجه وهجرته وغزواته والاختلاف في نزول الوحي وكيفية إدارته للدولة الإسلامية الفتية وماذا أوصى من بعده لاستمرار رسالته والتي لا تلاءم وعظمة الرسالة المحمدية وشخصها ولا الأحداث المروية بطرق بعيدة في أكثرها عن الصواب والواقع والتطور الإنساني والحضاري