مع الاسف الشديد تنوعت الوسائل الرخيصة التي تستخدمها الأحزاب السياسية المتمسكة بالسلطة، لاستمالة الناخبين والفوز بأصواتهم، ما دفعها إلى التعامل مع سماسرة، بدأوا بشراء هذه الأصوات، إما عبر دفع المال، أو تقديم الهدايا العينية، مستغلين الظروف المادية الصعبة التي يمرّ بها معظم العراقيين .
وفي هذه الانتخابات دخلت وسائل جديدة اخرى لاستمالة الناخبين والفوز باصواتهم ومنها مادة “السبيس” التي يعمد مرشحون إلى إكساء شوارع دوائرهم الانتخابية بها، بهدف الوصول إلى قلوب الناخبين ، حيث ارتفعت اسعار السبيس لتزاحم أعضاء القوائم الانتخابية على أبواب المقالع ونظرا لتفشي هذه الحالة اكد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر ان صوت الناخبين اغلى من السبيس ، مطالبا المرشحين بعدم اغراء المصوتين بامور تافهة ولم تقصر الدعاية الانتخابية على توزيع السبيس فقط بل تعددت الوسائل ومنها كارتات شحن خطوط الهاتف و كرات القدم و المواد الغذائية مثل العدس والبيض والزيت ولان الانتخابات الحالية جاء موعدها في الصيف مما دفع المرشحين الى تغيير خططهم في الدعاية الانتخابية فقد تحولت الخطط والبرامج من توزيع البطانيات أو الأغطية الشتوية والملابس إلى توزيع المراوح الهوائية، أما أخطر محاولات الحصول على الأصوات بطرق غير مشروعة، فجاء على يد بعض الأحزاب السياسية التي اتُهمت بشراء آلاف البطاقات الانتخابية بأسعار تتراوح بين 100 و200 دولار للبطاقة الواحدة، على أمل استثمارها في تزوير نتائج الانتخابات.
فيما يلجا مرشحون اخرون في المواسم الانتخابية وما قبلها للاستعانة بشيوخ العشائر عن طريق تقديم أموال وامتيازات لهم من أجل استقطاب أبناء عشائرهم وقد استفحلت هذه الظاهرة بشكل كبير خلال هذه الانتخابات حيث يحاول الساسة جمع اكبر عدد ممكن من هؤلاء الشيوخ واستثمارهم بشكل جيد في الحملات الانتخابية لاسيما في المحافظات الجنوبية.
ولم تنسى الاحزاب السياسية شريحة النساء لكي تستغلها في حملاتها الانتخابية والتي اصبحت تمثل عاملاً مهماً للفوز في الانتخابات وعلى أصواتهن يعتمد مرشحون للفوز بمقعد، حيث نرى دور منظمات المجتمعن المدني التابعة للاحزاب السياسية واضحا في هذا الموضوع التي اصبحت تسخر النساء الارامل والمطلقات من اجل جمع الاصوات للحزب الذي تتنمي اليه المنظمة، ويفتح هذا الأمر مجدداً ملف مصادر تمويل الأحزاب والسياسيين في العراق ومصدر الثراء والأموال التي يقدمونها مع كل انتخابات لكسب أصوات المواطنين.
وعلى الرغم من إقرار قانون خاص ينظم عمل الأحزاب في البلاد إلا أنه لا يزال غير مفعّل في ما يتعلق بفقرة مصادر تمويل الحزب وطرق حصوله على الأموال لتغطية نشاطاته، إذ لم تطرح أي من ملفات الأحزاب ومصادر تمويلها لغاية الآن.
وانطلاقا مما تقدم يتساءل المواطن العراقي بماذا تفسر حملات الخدمات السخية قبل الانتخابات التي تطلقها الكتل نفسها التي تشكل البرلمان وتدير الوزارات والمحافظات ومجالسها وبلدياتها، والتي تبرر سوء الخدمات دائماً بعدم التخصيصات المالية.
وهل اصبح صوت المواطن العراقي في الانتخابات رخيص لهذه الدرجة التي تعادل كارت شحن هاتف قيمته خمسة الاف دينار عراقي او كيلو من مادة العدس لا يتجاوز سعره الف دينار عراقي .
وهل اصبحت الوظائف في العراق والخدمات لا تقدم من الساسة الى في وقت الدعاية الانتخابية التي تسبق الانتخابات النيابية التي تجري كل اربع سنوات .
وهل سيكون الشعور الديني او القومي او الطائفي او القبلي هو الغالب على
تحديد مواقف الناخبين في يوم الاقتراع .
وهل عدم المشاركة في الانتخابات هو الحل للخلاص من الطبقة السياسية الفاسدة .
وهل من الممكن ان تفرز لنا الانتخابات المقبلة شخصيات كفوءة قادرة على ادارة البلد .
الكل يحرم شراء الاصوات والكل يرفض الوسائل الرخيصة في الدعاية الانتخابية اذا من يقوم بها .
وهل سيؤثر الوضع الامني على المشاركة في الانتخابات مثل كان يحدث في الانتخابات السابقة .
وهل ستبقى خيبة الامل إزاء السياسيين والعملية السياسية بكل تفاصيلها مسيطرة على ارادة الناخب في حسم موضوع المشاركة من عدمه .
وهل ستكون ادوات الاستفهام ( ما – ماذا – لماذا – من – متى – اين – كم – كيف – هل ) كفيلة لكي يحصل الشارع العراقي على اجابة عن كل التساؤلات التي تدور في تفكيره نترك الاجابه عن هذا السؤال الى الجهات المسؤولة عن ملف الانتخابات في العراق .