23 ديسمبر، 2024 10:32 ص

تساؤلات (حادة) للثقافة ومؤسساتها!!

تساؤلات (حادة) للثقافة ومؤسساتها!!

حينما تسود الفوضى السياسية، تتصارع القيم الثقافية والاجتماعية والنفسية على اشدّها ، فتبرز عناصر دخيلة على السطح ، تحاول ان توصل مافي جعبتها من احقاد وافكار بالية، فيشمخ الانتهازيون والدعاة ، واشباه (المثقفين) والفاسدون ، والسارقون، والمجرمون، والسماسرة، والاميون، والذيليون .. الخ، ولاننا معنيون بالثقافة والادب، فعلينا ان نشخص من تسلق الى المؤسسات الثقافية من دون حق، واعاق الادارة الثقافية ونشاطاتها ، لانهم لا يملكون خبرة او اطلاع على ما كانت فيه تلك المؤسسة. حيث ان التخصص الثقافي كان يسير على وتيرة متقادمة في الانجاز والنجاح ، وكانت المؤسسات الثقافية تعج بالحركة الابداعية التي تشمل المهرجانات الثقافية والادبية والندوات وغيرها من الفعاليات الفنية (التشكيل – المسرح – الموسيقى والغناء – ومعارض رسوم الاطفال – ومعارض الكتب) وكان يقع على عاتق تلك المؤسسة الثقافية او الفنية (تخصيصا) ان تقدم برنامجها السنوي او وفق برنامج يشترك فيه جميع المعنيين بالثقافة ، هنا ، لا اريد ان اعدد الوسائل الكفيلة بنجاح المؤسسة الثقافية، لانني قد كتبت في هذا الموضوع العديد من المقالات التي تشخص عمل المؤسسة الثقافية، لكن لا حياة لمن تنادي، لان المسؤولين في تلك المؤسسة لايعنيهم هذا الهم الثقافي الذي بات واقعا اسود، لما نسمعه ونقرأه عنهم، فما يقومون به سوى نشاطات شكلية (مزوقة) لا تعني بالابداع اصلا وعلى كافة المستويات التي ذكرنا سابقا.
ان الهجمة التي تعرضت لها الثقافة العراقية من قبل هؤلاء ، كان غير مبرر، من ناحية الغاء الواجهة التي كانت تستند عليها المؤسسة الثقافية، فعلى مستوى وزارة الثقافة، كانت النشاطات واسعة ومنظمة يشارك فيها المبدعون من اكاديميين وشعراء ونقاد وادباء وقصاصين وروائيين وغيرهم، لهم تاريخهم الادبي والثقافي المعروفين، ولهم مشاركاتهم داخل وخارج العراق في المهرجانات الثقافية، اضف الى ذلك ان وزارة الثقافة كانت تقيم اسابيع ثقافية في عدد من دول العالم، وكانت تشتمل هذه الاسابيع على عروض مسرحية وامسيات ثقافية في الشعر والنقد والقصة اضافة الى حضور الكتاب العراقي في تلك الدول عبر المعارض التي تقيمها دار الشؤون الثقافية العامة وما قدمته من اصدارات قيمة. اما على مستوى المهرجانات الادبية فكان يحضرها العديد من الادباء من خارج العراق كمهرجان المربد السنوي، ومهرجان بابل الفني والتي كان تحضرها العديد من الفرق الفنية من كل بقاع العالم، ويشترك فيها فنانون عراقيون مبدعون، علاوة على مهرجان المتنبي والواسطي وغيرهما.
ان الامكانات المادية التي كانت تقدمها الوزارة لتلك المهرجانات والفعاليات بالمقارنة لما هو مخصص لها من تخصيصات مالية الان، يفوق التصور، بل استطيع القول. ان تخصيصات وزارة الثقافة يعادل مئة مرة عما كان في السابق، فأين تذهب هذه الاموال الطائلة ؟ هل هي مخصصة لايفادات بعض المسؤولين في الوزارة فقط، ويتساءل المثقفون، اين هذه النشاطات ، ولماذا لم يشتركوا فيها، بل اننا ندرك ان المهرجانات الثقافية التي يدعو اليها المثقف العراقي تقتصر على اسماء محددة ومن داخل الوزارة فقط! وهذه المشاركات نقرأ عنها في الصحف ولا نعلم عنها شيئا!!، حتى وصل بالبعض ان يقدم نفسه ممثلا عن الشعراء العراقيين في كل مهرجان يجرى خارج العراق ، ولم تألو الوزارة جهدا في مخاطبة الاتحاد العام للادباء في ترشيح اسماء الادباء للمشاركة في هذا المهرجان او ذاك، لكن النية تسبق الحدث في تلك (الامور الثقافية). ويحصل ما يحصل والحسرة تأكل الجميع!!.
ان ما يحدث من ترهل في عمل المؤسسة الثقافية، يكاد يصل الى الضحك على الذقون، فالكل منفرد ومتفرد في قراراته، والكل يرى ان رأيه في العملية الثقافية تخصه وحده، لا ان ينظر الى الابعد، فبالاضافة الى ما ذكرناه سابقا، ينطبق هذا على الاصدارات الثقافية التي لا تمثل الثقافة العراقية لا من قريب ولا من بعيد، فأين السلاسل التي كانت تصدرها دار الشؤون الثقافية العامة في الفكر والفلسفة والتراث والتراجم والتاريخ والبحوث والدراسات التي تهم القارىء واين هي تلك الدوريات المتخصصة من المجلات التي تصدرها الدار، واين هو واقع النشر والتوزيع والدعم المادي للادباء والمثقفين حول اصداراتهم!!.
ان جلّ المثقفين رفعوا ايديهم عند تلك المؤسسات ، وجعلوها تغرق في البحر الاسن الذي يضم التردي الواضح لعملها ، واخذوا يرددون مع بعضهم، اهذي هي الثقافة التي كنا ننتظرها؟!.