23 ديسمبر، 2024 12:22 م

تسألني فاطمه:ماما منو يسوي الانفجارات؟…..اصمت ..لاجواب…
كيف اشرح لطفله في الصف الثاني الابتدائي عن مافيات الموت التي عشعشت في وطننا؟ 
ولانها تعشق المعرفه تسألني من جديد:من هم السنه ؟فأقول:اللذين يحبون عمر .
ومن هم الشيعه؟
اللذين يحبون علي
ومن هم الارهابيون؟
اللذين لايحبون علي ولاعمر
فتطرق حزينه وتقول :ولماذا لانحب كلنا علي وعمر؟
اسئلة فاطمه تحرجني …تخيفني…تجعل قلبي يرتعش وجلا واشفاقا ….كيف اجد لها جوابا يحاور براءة طفله في الثامنه …واحساس انسانه في الثمانين؟….واشعر ان اجابتي لها مسؤليه لست قادره على اداءهابصوره مرضيه اذ كيف اوفق بين براءة الثامنه واحساس الثمانين التي اجتمعت في شخصيتها؟ورادار العفويه الواعيه التي تمييز بين صدق الكبار وكذبهم
كيف اقول لطفله تملأ المحبة قلبها :
ان المافيات في وطننا صارت اكثر من عدد النخيل….وان الشيعي يتهم السني والسني يتهم الشيعي .والحقيقه ضائعه في زحمة الاتهامات والادعاءات .والمسؤل عن الامن هو من يأجج تللك التهم المتبادله حتى يغطي فشله وعجزه وضلوعه في الجرائم التي تحدث .
كيف اقول لفاطمه ؟:
ان كرسي الحكم في وطننا يسحر كل من يجلس فيه فلا يريد له فراقا .وانه يصيبه بالدكتاتوريه وجنون العظمه والاستبداد حتى انه مستعد ان يبيع الكرامه ..والنخل..ووجوه الاطفال..ومزارات الاولياء والائمه ..وكل شئ في مقابل ان يبقى فيه ….وان الحياء نقطه ان سقطت سقط كل ماتبعها …وان حكومتنا سقطت نقطتها منذ زمن فلم تعد تشعر بالخجل والمسؤليه وهي تتفرج على الدماء التي صبغت الخارطه العراقيه
كيف اقول لها؟
ان الايتام والارامل يملئون المدن ..وان الذي يخرج من بيته يطلب قوته وقوت عياله قد لايرجع بالقوت وانما بعاهة مستديمه يخلفها له انفجار مفاجئ .او ممزق الاوصال في كفن رخيص .او لايرجع ابدا لاجثه ولانصف حي لتبقى عائلته تقتات على امل كاذب بالعودة والقوت …
وان القصور والاستثمارات اخذت تتطاول الى الغيوم غير بعيده عن العشوائيات البائسه والبشر اللذين افترشوا الارض والتحفوا السماء في انتظار مشاريع الاسكان التي لم تقر بعد…
وان المسؤل في وطني لايخجل ان تمر قافلة حمايته العريضه والطويله وسرب سياراته الفاخره والثمينه امام من فقدوا اطرافهم في الانفجارات ولم يعودوا يملكون غير عيونا مظلومه تنظر الى السماء بقهر وشكوى وتوجع ..
“””””””””””””””””””””””””””””””
تطلب مني فاطمه ان اصطحبها الى المتحف حتى ترى عظام الديناصورات …ربما هي لاتعرف ماهو المتحف بالضبط ولكنها رأت في احدى قنوات الاطفال انهم يذهبون لزيارة المتاحف في بلدانهم ومن حقها ان تنال مانالوه بماذا اجيب فاطمه ؟وهي ذكيه ككل اطفال العراق اخذت تدرك ان اسئلتها توجعني
اه ايتها الغاليه …مايوجعني اكثر هو الاجوبه
هل اجروء ان اقول لها :ان متاحف وطننا قد نهبت بفوضى عارمه وصدرت بايدي محترفه لتستقر اخيرا في جيوب الكروش الممتلئه والادمغه الفارغه …وان بعض من تسموا (عراقيين)قد فقدوا صوابهم وباعوا الذي لايباع بثمن والبعض الاخر تهاونوا في الدفاع عن ارثهم وتراثهم ومجدهم …وان الوطن اصابته سكته قلبيه ودماغيه وزعت الفوضى والجنون والعنف على افراده ومن لم يصبه ذلك اصابه الجمود والتقوقع والصمت والذهول …فذبحت الحقيقه مرتين :مره على يد هؤلاء .وثانيه على يد اولئك.
وان القاتل:قاتل ..والصامت عن الجريمه :قاتل اخر
وهي ليست بحاجه الى الذهاب الى المتحف لرؤية الديناصورات الميته منذ قرون وفي شوراعنا اخرى حيه اشرس منها واشد عدوانية ووحشيه ارتدت ثياب المفخخات والاحزمه الناسفه والعبوات المتفجره وتسلل شرها الى الموبايلات والشاحنات ولعب الاطفال الصغيره
“””””””””””””””””””””””””””””.
تخجلني اسئلة فاطمه وتثير وجعي وتجعلني اشعر بمسؤلية اجابتها …وهي طفلتي انا !!!
فكيف لايفكر الحاكمون والارهابيون والمنتفعون والمتاجرون بدماء الاطفال والنساء والبسطاء بسؤالهم غدا في محكمة الله العادله ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟وبماذا ياترى سيجيبون؟؟؟؟؟؟
سيقول السلفي المتشدد:
لقد قتلتهم يارب ارضاءا لك لانهم يستحقون ومذهبي يكفرهم ويحلل قتلهم انهم ملعونون يسبون ابا بكر وعمر
ويجيب الشيعي المتطرف:
انهم لايستحقون الحياة ياالهي فهم وهابيه نجسون لايعترفون بولاية علي بن ابي طالب
وسيقول الحاكم:
الذنب ليس ذنبي يارب انما هو ذنب الكرسي المسحور الذي جعلني افقد انسانيتي واتجاهل واجبي ومسؤليتي ولااتذكر سواه والثروه والسلطه التي يحققها لي اذا مابقيت ممتطيا صهوة عرشه المزيفه ..ثم من غيري يارب يستحق الجلوس عليه؟انا وحدي استحق ذلك فلا احد يملك دهائي السياسي وذكائي الاجتماعي وحنكة دبلوماسيتي الثعلبيه ولساني الناطق بكل المتضادات المتضاربه وشخصياتي المتعدده ووعودي الجاهزه وتميزي وتفردي وقدراتي البهلوانيه
وسيجيب المنتفعون والانتهازيون:
كيف تحاسبنا يارب ؟صحيح اننا كنا نسرق من قوت الناس واستحقاقهم ولكننا بالمقابل كنا نخمس ونزكي اموالنا ونتصدق ببعضها على معوقي الانفجارات ونبني بالبعض الاخر المساجد والحسينيات ونوزع البطانيات في الانتخابات والوعود في الازمات والشجب للعنف والمفخخات والاحتواء للاحتجاج والمظاهرات ونحجز للعراقي الذي ا فقده الارهاب عائلته مقعدا في محطة الوطن لقطار الامل الذي فخخه احد البطاطين او المدرعين او الزرقاويين او الرماديين (تعددت الاسماء والنتيجه واحده)
واموال العراقيين يارب ان لم انهبها انا سينهبها غيري فانا واحد في زمن العصابات العديده واكيد انا ارحم من باقي اللصوص فقد عمرت مسجدا واويت يتيما ووزعت سلعا غاليه للعراقي الرخيص ولم اكن مبذرا فقد استثمرت كل ذلك في دعايتي الانتخابيه بالصوت والصوره ورأيت يارب فرح اولئك الذين شملتهم رعايتي واكفهم المرتفعه بالدعاء لي..
“”””””””””””
انهم ماهرون في ايجاد الحجج وخلق الذرائع .مقتنعون بصواب مايفعلون ..واهمون بالايدي التي تصفق لهم خوفا ورياء وتلعنهم سرا وخفاء …ناسين او متناسين ان حيل من في الارض لاتنطلي على من في السماءوان الله يمهل ولايهمل ودعوة المظلوم ليس بينها وبين العرش حجاب وان العراقي المظلوم الصابر منذ الولاده وحتى الممات…المرتدي ثوب التقشف والخوف والابتلاء في بلد الثروات والخيرات …العراقي الاصيل الذي لم تخدعه الاقنعه …الممتد من عمق التاريخ الى عمقه حاملا صولجان حمورابي واصرار كلكامش وصبر ايوب وصفاء دجله حين ينساب متحدا بشط العرب ….العراقي في البصره وديالى والانبار وكربلاء ودهوك ….العراقي الجائع والعراقي الشبعان …الذي فقد ابنه  شهيدا في القادسية المجيده او ام المعارك الهزيله والذي فقد ابنه اليوم او سيفقده غدا في الانفجارات العتيده
العراقي الذي صفق للديمقراطية التي قدمت على متن الدبابة الاجنبيه والاخر الذي لم تنطلي عليه الحيلة الامريكيه في الخريف العراقي الزائف
العراقي الصابر منذ 1968والى الان …لابد وان يقرر انهاء هذا الصبر الطويل
العراقي المذبوح من الوريد الى الوريد في جهات الوطن الاربعه دون ذنب او جريمه ….الممزق الاوصال بين الغرب السني والجنوب الشيعي والشمال الكردي والوسط المزيج من كل هذه الالوان والاطياف الجميله …الفاقد القوت على ايدي اللصوص وقطاع الطرق المرتدين افخر الالبسه واثمن الخواتم ..يمجدون الله بسبح العقيق والتربة الحسينيه بيد…ويقتلون الاطفال باليد الاخرى …ويسرقون في كلتا اليدين ولسانهم لايفتر عن ذكر الله والرسول والصحابه واهل البيت وكل الاولياء والمصطفين
العراقي الذي قاتل في الجولان واستشهد في فلسطين وقبره محفور على امتداد الوطن العربي من الفجيعه والخيانه جنوبا الى الزيف والخديعه شمالا ومن الخنوع والخضوع شرقا الى التردي والسقوط غربا والمتفجر بفصول السنة كلها معا شتاءها وربيعها .صيفها والخريف
العراقي صاحب الزقوره والجنائن المعلقه والملويه ….الذي لايعرف المستحيل ولايعترف بالمستحيل
الذي هزم العيلاميين والسلوقيين والبريطانيين في ثورة العشرين والهازم الارهابين والعملاء غدا وان طال الغد 
العراقي وان صمت وصبر
سينفجر حتما في ربيع حقيقي مبدع وخلاق يحمل الديمقراطيه باكف عراقيه خالصه دون الحاجه الى دبابات الاخرين وطائراتهم وبوارجهم الحربيه ونواياهم الخبيثه الملوثه
وحتى يحين ذلك الغد سنبقى نخجل من اسئلة اطفالنا ويوجعنا صدقها
وابقى اعتذر لفاطمه عن اسئلتها المبرره باجوبة غير مبرره ابدا