19 ديسمبر، 2024 1:04 ص

ترنح الاقتصاد العراقي , الى متى ؟

ترنح الاقتصاد العراقي , الى متى ؟

هنالك لغط كبير حول الإدارة الاقتصادية في عهد صدام, وللفترة من 1979-2003, فالبعض يعتبرها فترة ازدهار اقتصادي! والبعض يعتبرها فترة تخبط! فهل تحقق شيء ما ؟وأين نتجه ألان باقتصادنا المعتمد كليا على النفط.

كان الاقتصاد العراقي في السبعينات يعتبر من أقوى الاقتصاديات في المنطقة, بل كان العراق مرشح أن يصبح قوة مالية مؤثرة, نتيجة الثورة الاقتصادية وأسعار النفط المرتفعة, الى أن حصل التغيير السياسي في العراق, حيث تم عزل الرئيس البكر وتنصيب صدام حسين رئيسا, ومعه دخل الاقتصاد العراقي مرحلة مختلفة, ففي الأشهر الأولى لحكمه دخل في حرب ضد إيران, وهذا يعني تكاليف ضخمة جدا للجهد الحربي, ومما يعني تحرك الخزين القومي لشراء السلاح, بالاضافة لتحمل ديون باهظة في سبيل توفير السلاح, خصوصا أن الحرب كانت طويلة جدا حيث استمرت ثمان سنوات, أكلت معها الأخضر واليابس, وخرج العراق مديونا بأرقام مخيفة, مع انه كان في عام 1980 يملك احتياطي يقدر ب 300 مليار دولار! وهو رقم عملاق في ذلك الوقت, مع الأسف كله تبخر في سنوات الحرب مع إيران!

ثم تلتها العقوبات الدولية القاسية, نتيجة حرب صدام الثانية بعد دخول الكويت, حيث ضاع كل ما تم تأسيسه طيلة العقود السابقة, بسبب تكاليف الحرب الكبيرة, والضربات الجوية التي طالت جميع مؤسسات الدولة, وحتى المعامل والمصانع القطاع الخاص, أي تم تدمير البيئة الاقتصادية العراقية بكاملها.

غياب الخطط الاقتصادية الرصينة, ومغامرات صدام غير المحسوبة النتائج, تسببا في تدهور الاقتصاد العراقي ليصل لأسوأ مراحله في عام 2003, ولولا العقوبات الدولية التي أجبرت صدام على بيع النفط مقابل الغذاء والدواء, لما تحصل الشعب على تلك المعونة الغذائية الشهرية, والتي كانت عون مهم للشعب في تلك الفترة, والتي أخمدت نار الثورة.

وبعد انتهاء مرحلة صدام وبزوغ عهد جديد, حيث الحكومات الديمقراطية المنتخبة من قبل الشعب, لكن مع الأسف انتشر مرض الفساد ليعطل كل مؤسسات الدولة, وتضيع الأموال المخصصة سنويا, فالصناعة تعيش أسوأ مراحلها, والزراعة شبه ميتة, إما التجارة فهي لجذب البضائع الرديئة للسوق العراقي, والذي تحول الى سوق كبير للنفايات.

فقط كان الاعتماد على إيرادات النفط, وأهملت تماما الزراعة والصناعة وتم نهب الموازنات السنوية, وتحول مبلغ كبير رواتب للطبقة السياسية, ومنافع عجيبة, وحتى تعاقدات مؤسسات الدولة أصبحت الطبقة السياسية شريكة فيها, وهكذا دخل العراق في نفق مظلم طيلة 15 عام من نهب أموال خزينة الدولة, من قبل الطبقة السياسية وأحزاب السلطة.

ونتذكر جيدا الأزمة في السوق النفطية, عندما هبط سعر البرميل الى ثلاثين دولار, حيث تعرض العراق لهزة عنيفة, نتيجة الإنفاق السنوي الكبير ومن دون أي اهتمام بقطاعي الزراعة والصناعة, معتمدين فقط على إيرادات بيع النفط, فوصل الحال بالسلطة للتلويح بعدم توزيع رواتب الموظفين, ثم شرعوا قانون ظالم بزيادة الاستقطاعات من الموظفين, بالاضافة لسن قوانين ظالمة تعطيهم تقاعد ضخم جدا لكل الطبقة السياسية ( البرلمان, الوزراء, الوكلاء, رؤساء الهيئات المستقلة, الرئاسات الثلاث), فبعد ثلاثين عاما سيصبح جيش كبير من هذه الطبقة هو من يستولي على الموازنة باعتبارها رواتب تقاعدية,

مع إدخال العراق باتفاقيات مهينة كجولة التراخيص, التي نهبت خزينة الدولة والى سنوات طويلة في المستقبل, والصفقات الفاسدة والتي جرت بمئات المليارات الدنانير, بالاضافة لفوائد الديون الهائلة التي على العراق دفعها, هكذا فرطت الطبقة السياسية بمستقبل العراق المالي نتيجة غياب المعرفة والضمير والرقيب الذي يحاسب على الخطأ.

فألان العراق في أسوا مراحله الاقتصادية, والغريب أن لا توجد خطط واضحة أو برامج معلنة, لتصحيح أخطاء الأمس, بل يبدو أن الساسة مستمرين بسلوكهم الاقتصادي السلبي, المبني على أساس استهلاك كل ما يدخل خزينة الدولة.

وأخيراَ نقول: هل سيأتي يوم ويعيش العراق ضمن خطط اقتصادية رصينة, تنمي حاضره وتحمي مستقبله؟!