منذ السويعات الأوائل لإندلاع شرارة الإنقلاب العسكري في تركيا , وما جرى من ضخٍّ بكمياتٍ هائلة ومتباينة من الأخبار المتعلقة بمجريات وتفاصيل الأنقلاب , كنتُ قد شرعتُ بمتابعة هذه الأخبار من مصادرٍ متعددة ومن ضمنها القنوات الفضائية ” التركية والأجنبية ” التي لا افهم لغاتها ! مستفيداً من الأفلام الفيديوية والصور التي يجري بثّها عن تطورات الوضع وتفاصيله الدقيقة . وبالرغمِ من كتابنا لمقالٍ يوم امس بهذا الشأن بعنوان < ملاحظات خاصة عن الأنقلاب التركي > , لكني ما فتئتُ والى غاية كتابة هذه السطور , تُلفتُ نظري وبدرجةٍ عاليةٍ من الإعجاب والتقدير صورٌ وافلام تتعاقب عن الطريقة او الطرق السامية والمثلى المستخدمة في القاء القبض واعتقال المتهمين والمشاركين والمشتبه بهم والمستسلمين من مجموعة الأنقلاب العسكري على ايدي رجال المخابرات والأمن والجيش الأتراك , فقد كانت عمليات الإعتقال واقتياد المتهمين وإدخالهم الى العجلات العسكرية او المقرات الأمنية , تجري بكلّ احترام وإنسانية لهؤلاء ومع حفظ كرامتهم , ودونما تعريضهم للأهانات والشتائم وعمليات الضرب والركل الأوليّة التي اعتدنا على رؤيتها في بلداننا للأسف , وكانت هنالك صورو افلامٌ عديدة لعسكريين اتراك معتقلين يمشون وهم مرفوعي الرأس دونما تعرّضهم للإذلال . وبلا ريبٍ فأنها ثقافة عالية وقيم انسانية ليس صعباً تطبيقها في دولنا لو كانت هنالك تعليمات صارمة من القيادات العليا الى قوى الأمن في تطبيقها حرفيّاً . إنها حالةٌ مرضيّةٌ متخلّفة وفق علم الأجتماع وعلم النفس أن يبادر ويسارع افراد الشرطة او الأمن في اطلاق الكلمات اللاذعة او جرّ المتهمين ” جنائيا او سياسيا ” بطريقةٍ تفتقد للّياقة والأحترام والأنسانية , انها طريقةٌ استباقيّةٌ تستبق القضاء بحدّ ذاته .