لا شيء ثابت في السياسة, الدنيا مصالح, بالأمس القريب كانتا خصمان ان لم نقل عدوتان لدودتان, كل منهما نعت الاخر بأبشع الاوصاف وعمل ما في وسعه للإطاحة بخصمة ولأنهما يقعان تحت مظلة واحدة فالعم سام لن يسمح بان تتدهور الامور بينهما, تركيا قاعدته الكبرى في الشرق الاوسط بينما الامارات احدى المواقع التي يضع عليها ارجله للتمدد في المنطقة, الأمارات كانت الاسرع بين جيرانها في التطبيع مع كيان العدو وبالتالي نالت حظوة لدى سيد البيت الابيض,اشتركت الامارات وبكل قوة فيما يسمى بالربيع العربي في تدمير وتشريد الشعوب المستهدفة وكانت تركيا تلاقيها في الجانب الاخر بنفس الحماس, سارا في نهج واحد وفق اوامرالراعي الرسمي لبرنامج الشرق الاوسط الجديد.
اراد اردوغان ان يظهر للأمريكان ان له حضور اقليمي,جمع اليه بعض اشتات إمبراطورتيه السابقة الحالم بعودتها, عمد الى التواصل مع موسكو بشان الازمة السورية, اغضب ترامب, والنتيجة انهيار الاقتصاد التركي , لم يشأ الامريكان التخلي كلية عن تركيا, لذلك اوعزوا الى بيادقهم بمساعدة اردوغان, بالتاكيد الثمن هو ترحيل تنظيم الاخوان المسلمين الذين اخذوا من الاستانة مقرا لهم للتأثير على مصر والسعودية ومركز عمليات لنهب ثروات المجتمع الليبي من قبل اخوان ليبيا واستثمارها في تركيا علّها تخفف وطأة الازمة الاقتصادية وغليان الشارع.
عشرة مليارات من الدولارات, ظاهرها استثماري وباطنها قرض بدون فوائد, قد يتحول الى منحة, ترى هل تركيا اصبحت آمنة لاستثمار مثل هذا المبلغ الضخم؟ انتعاش الاقتصاد مع ضمان حسن الادارة يأخذ وقتا لا باس به, بمعنى ان العائد على الاستثمار سيكون بسيط جدا وبالتالي فان عملية استرداد الدين في مدد محددة يشكل تحديا للدولة المقترضة, وصبرا قد لا يكون جميلا للدولة المقرضة.
اردوغان يسعى اليوم الى احياء امجاد اجداده والظفر بخيرات شعوبنا وجعلنا عبيدا له, يفرض علينا الاتاوات والمكوس,لقد شهدنا اسوا فترة في تاريخنا وعلى مدى اربعة قرون متواصلة من حكم العثمانيين, بل يحاول ان يمزق نسيجنا اجتماعي من خلال قوله بان عالمنا العربي حق تاريخي له.
نتمنى على الامارات ان تمد يد العون الى الدول العربية التي تعاني ازمات اقتصادية مثل تونس التي انهكها حكم الاخوان وتحاول الخروج من عباءتهم من خلال عملية التصحيح(25 يوليو) التي تسير متعثرة بفعل احجام المقرضين الدوليين عن ذلك او وضع شروط تعجيزية ومذله, وكذا الحال بالنسبة للسودان الذي يعيش حالة من الفراغ السياسي والامني وتدهور الاقتصاد.
ماذا لو ان الامارات ومعها بقية الدول تساهم في تحقيق الامن والاستقرار في سوريا وليبيا التي ساهمت وبشكل فاعل في ايصالها الى هذا الوضع المتردي, وان تكفر عن سيئاتها من خلال الدعم المالي لعودة الحياة الى طبيعتها,ونتمى ان لا يكون ذلك مشروطا بالدخول في اتفاقية “ابراهام “التي انخرطت بها الامارات ولعبت دورا رئيسيا في التسويق لها, والتي تهدف الى جر كل الدول العربية الى التطبيع مع كيان العدو المغتصب لفلسطين.
شيطنة حماس والفصائل الفلسطينية الاخرى المقاومة ووصفها بانها ارهابية رغم اختلافنا معها فكريا, يعتبر وصمة عار في جبين كل من يدعي الانتساب للعروبة والاسلام ,بل ومن منظور انساني بحث من حيث حق الشعب الفلسطيني في الحرية والعيش بكرامة فوق ارضه وتقرير مصيره وحماية مقدساته واقامة شعائره.