الاصيل في الاشياء والمواقف ، يختلف تمام الاختلاف عن المزوق والمزور ، وهذه المسلمة تنطبق تمام الانطباق على على حال حكومة عبد المهدي ، بداية ،أن عبد المهدي نفسه ، وهو مرشح لرئاسة هذه الكابينة ، كان موضع اختلاف وشك في قدرته على مواجهة حيتان السياسة العراقية ، او مواجهة حجم المشاكل والفساد المستشري في كافة شرايين الدولة وأوردتها ، فهو اولا،لا يمتلك الجرأة والقابلية على ايقاف تسرب نفوذ هذه الكتل وانبثاثها في اروقة الدولة وتشكيل ما يطلق عليه بالدول العميقة داخل دولة هشة تحكمها سلطة متشرنقة بين الداخل والخارج، وثانيا ان الرجل لا يمتلك الخبرة والكفاءة المطلوبتين لادارة مثل هذه الدولة. وقد اضافت هذه الكتل ثالثا عبئا اخر على الرجل تمثل في تزويق وزارته بألوان غير منسجمة لوزراء بين مرفوض ومشلول وغير مؤهل او بوزراء لاتتفق مؤهلاتهم مع الوزرات المنسبين لها ، فظل عبد امهدي معلقا بين سماء الكتل وأرض الدولة الهشة ، يقابله غليان شعبي لا يهدأ في البصرة او كربلاء او اطراف بغداد واخرها اعتصام الحسينية . او مظاهرات اصحاب العقود ، او الاستنكارات الشعبية لفقدان الخدمات والامن في بعض الاحيان .
ان وزارة عبد المهدي لم تعد دستورية ، لتجاوزها المدد القانونية المطلوبة في التشكيل، وانها لغاية هذه اللحظة غير مكتملة النصاب ، يقف وراءها مجلس نواب يحاول دون خجل ترقيع وتزويق هذه الوزارة ، فتارة يخرج هذا الوزير ويستبدله بأخر وتارة لا يكتمل نصابه لاستكمال الوزارة وتارة يؤجل الجلسات للاتفاق بين الكتل ، وظل المجلس هو الآخر معلق مثل الوزارة بين إرادة الكتل ومطالب الشعب ، ولقد أخطأ المجلس منذ البداية مثلما أخطأت الدورات السابقة ، بأنه لم يشعر بأهمية الزمن ، او حتى بقوة الشارع الذي بدأت تتوسع تمرداته ، كما وأن مجالس المحافظات ومهازلها باتت تضيف على الحكومة ومجلس النواب عوامل جديدة قد تدفع بالشارع نحو التمرد العام ، واليوم حمى الربيع العربي عادت في تونس بعد أن أحرق صحفي نفسه او مظاهرات السودان التي بدأت تقض مضجع البشير ، نصيحتي إلى السيد عادل عبد المهدي أما ان يتخذ الموقف الشجاع او الاستقالة ، او أن يتهيأ لمواجهة الشارع الذي قد يقلب طاولة مكتبه عليه وقد أعذر من أنذر…