23 ديسمبر، 2024 3:55 ص

ترامب يفتح النار مجددا على الاتفاق النووي مع ايران

ترامب يفتح النار مجددا على الاتفاق النووي مع ايران

رغم تهجم الرئيس الامريكي دونالد ترامب على الاتفاق النووي الا ان هذه المواقف لن تؤثر على حقيقة وواقع هذا الاتفاق وان امريكا باتت غير قادرة على التاثير في قضية كهذه بعد ان سرى مفعول هذا الاتفاق دوليا وبات واقعا لايمكن التهرب منه او القفز عليه .
كما ان ايران التي تدرك واقع السياسة الامريكية وعدم التزامها بالعهود استطاعت ان تستفيد من الاتفاق بالشكل المطلوب وان اية قرارات امريكية محتملة لن تستطيع تغيير رياح الواقع وما تمخض عنه من تداعيات ونتائج ايجابية لصالح ايران.
هذه الحقيقة لم تعد خافية حتى على ترامب الذي يدرك ذلك الا انه بات اشبه مايكون بزعماء العالم الثالث يوزع التصريحات هنا وهناك ويطلق التهديدات جزافا .
وقد كشف ستيف أندريسن، مدير السياسة الدفاعية ومراقبة الأسلحة في مجلس الأمن القومي من العام 1993 إلى 2001 في مقال له منشور في “نيويورك تايمز”، ان ترامب يبدو عازما على إفشال الاتفاق النووي الإيراني، متحديا توصيات أقرب مستشاريه في السياسة الخارجية، إذ يملك الرئيس الأمريكي إرادة مضادة لذلك، والهدف من ذلك هو التحلل من الاتفاق.
تهديدات ترامب ضد الاتفاق النووي لم تكن بسبب ارضاء اليمين المتصهين واللوبي الصهيوني في امريكا، و”اسرائيل” وبعض الدول الخليجية، بل جاءت ايضا انطلاقا من الخلفية السياسية لترامب الذي لا يرى افقا لحلول وسط مع ايران، فكل خياراته محصورة بين القوة العسكرية وفرض الحظر.
اغلب المراقبين الدوليين كانوا يتوقعون مصيرا سيئا للاتفاق النووي مع دخول ترامب الى البيت الابيض، لاسيما انه ضم في ادارته الجديدة شخصيات سياسية لا يمكن وصفها الا بالحاقدة والكارهة لايران، فهؤلاء لا يرون مشكلة في المعمورة الا وايران متورطة فيها، حتى قال بعض الظرفاء ان ادارة ترامب تحمل ايران مسؤولية ارتفاع درجة حرارة الارض والانهيارات الجليدية في القطب والفيضانات والاعاصير وثقب طبقة الاوزون، ولم يكتفوا بالاتهامات بل لوحوا باستخدام القوة لمواجهة ايران.
الحقيقة التي لا يريد حلفاء واتباع امريكا في المنطقة والعالم قبولها هي ان لا ادارة اوباما ولا ادارة ترامب ولا اي ادارة امريكية اخرى بامكانها ان تستخدم القوة ضد ايران لوقف برنامجها النووي او فرض ارادتها عليها، فالرئيس الامريكي السابق اوباما اعلنها صراحة وعلى الملأ انه ما كان سيقدم على التوقيع على الاتفاق النووي مع ايران لو كان بمقدوره تفكيك اخر مسمار في هذا البرنامج بالقوة.
الحقيقة التي قالها وبشكل صريح وعلني الرئيس اوباما ، يحاول ترامب التهرب منها بطرق لا يمكن وصفها الا بالطفولية والاستعراضية ، فالرجل يعرف انه اعجز من ان ينفذ تهديده بتمزيق الاتفاق النووي، فامريكا ليس لديها من خيار اخر الا الالتزام وتنفيذ هذا الاتفاق، فالخيارات الاخرى ستكون كارثية لا على المنطقة فحسب بل على العالم وامريكا ايضا.
ان ترامب وبمثل هذه التهديدات يحاول اولا ارضاء ربيته اسرائيل اولا واستحلاب دول الخليج ثانيا كما يحاول القفز على اخفاقاته مع كوريا الشمالية التي تستهزأ به كل يوم وتسخر من تهديداته وهي تطلق صواريخ باليستية جديدة بعد كل رزمة اجراءات عقابية من قبل مجلس الامن الدولي او لنقل مجلس الامن الامريكي .
اما ايران فهي استطاعت ان تخطو خطوات كبيرة في بناء مظلة دفاعية مزدوجة للدفاع وللردع وان معظم المواقع العسكرية الصهيونية باتت مكشوفة امام الردع الصاروخي الايراني .
كما ان اقتصادها بات معتمدا على الاكتفاء الذاتي وعلى شبكة علاقات جديدة مع الاسواق الدولية وبالتالي فان ترامب الذي وصف الاتفاق بالغبي بات يُعرف لدى الاوساط السياسية والمراكز الاستراتيجية بالرئيس الغارق في احلام الحانات والراقصات ولايفهم من السياسة شئيا وانه الرجل الذي سيجر امريكا الى الهاوية والاندثار .