19 ديسمبر، 2024 12:14 ص

ترامب وايران وسيادة العراق

ترامب وايران وسيادة العراق

لم تتوقف تصريحات رئيس الولايات المتحدة الاميركية ترامب النارية بشأن العديد من القضايا في العالم ومنها ما يتعلق بالتمدد الايراني في عدد من اقطار الوطن العربي ومنها سوريا والعراق وتحت ذرائع وحجج تدخله في الشؤون الداخلية لدول المنطقة .لسنا هنا في معرض الدفاع عن النظام الايراني الذي ما انفكت تصريحات مسؤوليه تثير غضب وقلق واستياء المواطن في الجنوب او الفرات الاوسط او الوسط ، غير ان منطق السياسة والعقل يدعونا للاعتراف بحقيقة لا اظنها غائبة عن ذهن اي واحد منا وهي ان ايران وسواها من الدول لها مصالحها وماكان لاي منها ان تتجرأ على التدخل لولا مواقف السياسيين الضعيفة والمتهاونة في ما يتعلق بمفهوم السيادة الوطنية، سواء من كان منهم في موقع المسؤولية ام لا ، و بجميع انتمائاتهم وتصنيفاتهم .
وما يثير الحيرة والاستغراب هذا الكم الهائل من الاخبار عن تحرك القوات الاميركية وتصريحات بعض مسؤولي الادارة الاميركية ومنها وزير خارجيتها بومبيو واخرها قوله ان ايران تعيق الحرية في العراق ! وتهافت اشخاص يحملون صفة محللين وخبراء عسكريين وستراتيجيين ، على نشر تصريحات خطيرة تظهر ترامب والادارة الاميركية وكأنهم مخلصين للعراق وغيره وان سبب عدائهم للنظام الايراني و ماسبقه من فرض العقوبات الاميركية على الشعوب الايرانية من اجل ( سواد عين الشعب العراقي ) وحرصهم على حريته وحقوقه ! ومع كل احترامي لجميع الاراء والاشخاص فالحقيقة التي يعرفها الجميع بان تاريخ علاقات شعوب العالم وخاصة نحن العرب مع الولايات المتحدة الاميركية علمتنا دروس من ابسطها ان حقوق الانسان والديمقراطية ومحاربة الارهاب شعارات استغلتها الادارات الاميركية بشكل سيء وقتلت تحت هذه اليافطات شعوب واسقطت انظمة ونهبت خيرات دول وان في مقدمة اولوياتها مصالحها والنفطية منها بشكل خاص.. كلنا نتذكر كيف استخدمت اميركا ذريعة خطر الشيوعية لابتزاز انظمة هنا وهناك وهي اليوم تجعل من خطر ايران وسيلة ابتزاز لهذه الانظمة ، كما علينا ان لاننسى تاريخ طويل من الويلات والكوارث التي تسببت بها مواقف الادارات الاميركية لوطننا العربي وربما مواقفها في مجلس الامن والامم المتحدة ومنظماتها ازاء القضية الفلسطينية شاهد ما زال حيا على تعاملها بمكيالين مع ابسط حقوق الفلسطينين وغيرهم .. وفي ما يتعلق بالعراق فان حالة الفوضى والتخبط هي نتاج سياسة اميركية تعمدت وفي اطار مخططاتها التي نفذتها بدقة منذ الاحتلال لابقائها لانها تتوافق والحفاظ على مصالحها ولا نغالي اذا قلنا ان انشاء مجلس الحكم بصيغته المحاصصاتية خير نموذج على طبيعة ما رسمته الادارة الاميركية للعراق الجديد !
لا ادعي انني من المحللين الستراتيجين ويكفيني انني صحفي اتابع الاخبار واستلهم العبر والدروس التي اكدت ان الرهان الحقيقي والسيادة الوطنية الحقه تترسخ باقتراب الا نطمة من شعوبها واحترام تطلعاتها بالحرية والعيش الكريم فهي وحدها الضمانة بحماية اي نظام .. اما الاتكاء على الاجنبي ومهما بلغت قوته فهو رهان خاسر ولا يجر غير الخيبات .. وعلى سياسيينا ان يفهموا وقبل فوات الاوان ان صبر الشعب بدأ ينفد ويبعدوا العراق عن صراع المصالح بين هذه الدولة او تلك و ان لايكون ساحة صراع بالنيابة لان نيران الفوضى اذا اشتعلت لاسامح الله ستحرقهم قبل غيرهم .. ومرة اخرى السيادة تترسخ باحترام تطلعات الشعب وحقوقه البسيطة المشروعة فكفوا عن ظلمه .. فهل تعون !