23 ديسمبر، 2024 5:24 ص

ترامب..والمواجهة المرتقبة مع إيران!!

ترامب..والمواجهة المرتقبة مع إيران!!

يكاد يجزم خبراء الحرب النفسية ، بأن أمام الرئيس الأمريكي ترامب فرصة ذهبية لزيادة شعبيته داخل الولايات المتحدة، بالتخطيط لمواجهة مع إيران، وبخاصة ان إستفتاءات الرأي العام الأمريكي تجاه الرئيس ترامب ما تزال غير مشجعة ، وهو بحاجة الى حرب محدودة، و ” عدو خارجي ” ليضغط على الزناد في أي توقيت يختاره، لإظهار أن هناك تهديدا للأمن القومي الأمريكي، يتطلب الإستعداد له وخوض غمار المواجهة معه ، فأمريكا من وجهة نظر أي أمريكي هي ” السوبرمان” الذي يهيمن على العالم كله، وإيران هي الأرض الخصبة لتلك المواجهة، بإعتبارها آخر دول ” محور الشر” ، حتى وإن كانت أرض العراق مسرحا لتلك المواجهة ، لكي يكون بمقدور الرئيس الأمريكي أن يكسب أكبر عدد من المؤيدين لحملته الانتخابية، ويضمن فوزه في الإنتخابات الرئاسية المقبلة لدورة ثانية!!

وإعلان الإدارة الأمريكية عن إحتمال إقدامها على سحب سفارتها من العراق ، ومن ثم حث الدول الأوربية وبعثة الأمم المتحدة على إتباع الخطوة نفسها، وتصعيد سيناريوهات المواجهة دعائيا، هي أول بوادر تلك المواجهة الأمريكية الإيرانية المرتقبة، وبخاصة أن الرئيس الأمريكي ترامب بحاجة الى تأييد الرأي العام داخل بلاده واستمالته الى جانبه، إن وجد الفرصة سانحة لمواجهة خارجية، يدعي فيها أن الولايات المتحدة تواجه خطر “الإرهاب الايراني” على الأرض العراقية، ولهذا فلا نستبعد إقدام الرئيس ترامب على شن ضربات إستباقية، سواء ضد جماعات عراقية موالية لإيران داخل العراق، او إستهداف منشآت عسكرية أو نفطية ايرانية، كتحذير أولي ، عندها سيجد الرأي العام الأمريكي مساندا له، وسيزيد من شعبيته داخل الولايات المتحدة، وبالتالي يضمن الفوز في انتخابات الرئاسة الامريكية لدورة ثانية!!

من جانبها تعمل إيران على تصعيد لهجة المواجهة العسكرية مع ترامب، كي ينزلق في حرب معها، قد تطيح به من وجهة نظر القائمين على السلطة العليا في إيران، وهم يشيرون الى أنه ليس بمقدور ترامب المجازفة في خوض حرب مع إيران، حاليا على الأقل، كونه لايعرف فيما اذا كان يكسب فيها تلك المعركة أم ستؤدي الى الاطاحة به في خاتمة المطاف، كما ذكرنا، ولهذا فهو يعمل على تصعيد الأزمة إعلاميا ، ويدخل فيها مخاطر تعرض سفارات أمريكية وغربية لمخاطر أن تتعرض لتهديد حياة أمريكيين واوربيين خارج بلاده ، ليكون بمقدوره إختيار نوع وشكل وتوقيت المواجهة، وبخاصة أنه جعل من إيران “العدو الاكبر ” الذي ليس بمقدور الولايات المتحدة التغاضي عن تهديده للأمن القومي الأمريكي والحاقه الخسائر الفادحة بالمصالح الأمريكية، إن هو غض النظر عن هذا التهديد او تراخى في مواجهته، والحرب مع إيران، من وجهة نظر كثيرين، لابد وإن تحدث عاجلا أم آجلا..فمعركة الرئاسة الأمريكية تستحق من ترامب أن يعد لها العدة، ويجيش لها الجيوش، اذا حالفه الحظ، ووجد أن الحرب، هي الخيار الأخير الذي يضمن له الفوز بمعركة الرئاسة، وهو يأمل أن تزيد تلك الحرب من رصيد فوزه، حتى وإن كانت لديه مخاوف من خسارتها، فالحرب في كل الأحوال، هي ” مكسب” لكل رئيس أمريكي يريد أن ينتزع أكبر عدد ممكن من الاصوات لصالحه، وبخاصة أن القوة العسكرية الردعية ضخمة وخطيرة للغاية، ويجد في التهديد الايراني المستمر للسفارة الامريكية في بغداد ولمصالح الولايات المتحدة والعالم الغربي ، في المنطقة ، المبرر لتلك المواجهة المرتقبة!!

وتدرك إيران بالمقابل، إنها وإن قبلت تصعيد المواجهة مع ترامب، وإستمرار شن جماعاتها الموالية لها في العراق هجمات ضد مصالح أمريكا، فإنها حين ترى نيران الحرب تلوح في الأفق ، حتى تروح تهديء من روعة تلك الحرب، وتخفف من تصعيد لهجة المواجهة، لتفادي مخاطرها على الداخل الايراني، وبخاصة أن أوضاع ايران الاقتصادية في أسوأ أحوالها، وان قوتها العسكرية مهما بلغت من قوة، فليس بمقدورها مواجهة ترسانة عسكرية أمريكية هائلة يخشاها العالم كله، بضمنها دول كبرى ،وهي تتحاشى الصدام مع الولايات المتحدة، ولهذا فإن إيران ما أن ترى أن الحرب ربما أصبحت قاب قوسين أو أدنى من الاندلاع، حتى تبدل إستراتيجيتها كليا بزاوية 360 درجة، كي تمتص الغضب الأمريكي ، وتعمل على تهدئة الأوضاع مع الأمريكان، لكي لاتصل الأمور بينهما الى حالة الصدام المباشر أو المواجهة المسلحة، لكن تلك السياسة قد تعود عليها بأضرار بالغة، فقد لاتضمن لها أن خطوات من هذا النوع قد تهديء من روع الرئيس الأمريكي ، دون أن يمرغ أنف خصمه في التراب، كي لايكون بمقدوره تحدي واشنطن لاحقا ، ولكي يفهم الإيرانيون أن واشنطن جادة في تهديداتها، اذا استمرت ايران بدعم الجماعات المسلحة في العراق، والتي تخوض المواجهة مع الأمريكان منذ أشهر بهجمات صاروخية ، نيابة عن إيران!!

وفي كل الأحوال ،فإن المتضرر الوحيد من تلك المواجهة هو شعب العراق، الذي يعاني هو الآخر من تداعيات سياسية واقتصادية وأمنية خطيرة، وليس بمقدور بلدهم دفع مرتبات مواطنيه، ولا تسيير وضعه الاقتصادي دون الاعتماد على واشنطن في بقاء نظامه السياسي، كما أن ساسة العراق، وبخاصة من الشيعة، غير متحمسين كليا لتلبية رغبات واشنطن، وهم غير قادرين على رفض مطالب ايران وفرضها شروطا صعبة عليهم، وهم أصبحوا أشبه بـ (بلاع الموس) في تلك المواجهة، التي يبقون فيها مناصرين لإيران في كل الأحوال، حتى وان أعلنوا رفضهم إستهدافها في بياناتهم الرسمية، وهم يجدون فيها ، أي ايران، أنها ظهيرهم الذي ليس بمقدورهم أن يحيدوا عنه، مهما كلفهم ذلك من ثمن، وقد لاتهمهم مصلحة بلدهم، بقدر إهتمامهم بمصالح ايران، وعدم قبولهم بالإبتعاد عنها، فلدى كثير منهم ” ولاءات المذهب” و ” ولاية الفقيه” التي يدين لها كثير من شيعة العراق، وليس بمقدورهم التخلي عن تلك التبعية المذهبية، إرضاء لمصالح أمريكا، ولهذا فإنهم يبقون مساندين لايران على طول الخط، وليس بمقدورهم أن يرفعوا أعينهم بوجهها، إن أرادت منهم تنفيذ أي طلب، حتى لو أدى ذلك الى تهديد مصلحة بلدهم او تعريض مستقبله الى مخاطر جمة، لكن المخاوف من حرب شيعية شيعية لدى قادة العراق ، هي من يؤرق العراقيين، وقد تقضي على آخر أمل لهم، بأن يجدوا بلدهم وقد تخلص من ويلات الحروب وتكاليفها الباهضة، حيث كان العراقيون المتضررون على الدوام من تلك الحروب، بل أن أي حرب شيعية شيعية، لابد وإن تؤدي الى تقسيم العراق في نهاية المطاف!!