مع اقتراب موعد الانتخابات الهولندية في 15 آذار (مارس) المقبل، بدأت الأحزاب الهولندية برامج حملاتها الانتخابية، وكالعادة ظهر غيرت فيلدرز، زعيم «حزب الحرية» المتطرف بقوة من خلال تصريحين، الأول يثير السخرية الصارخة والثاني يثير الغضب المدوي.
في التصريح الأول على «تويتر» وجريدة «مترو» الواسعة الانتشار، قال فيلدرز انه يشبه ترامب من نواحٍ كثيرة، ما أثار ويثير سخرية الهولنديين وغير الهولنديين حتى هذه اللحظة. أما تصريحه الثاني فقال فيه إن الوقت حان لطرد حثالة المغاربة والمسلمين، ما جعل الجمعيات والمنظمات المغربية والإسلامية تنتفض بكل ما لديها من طاقة ولن تتوقف عند هذا الحد، فهناك أكثر من دعوى أقيمت ضد فيلدرز لإثارته الكراهية المقززة في وسائل الإعلام ووضع الأمن الهولندي في حالة من النفير غير المسبوق.
يعرف الهولنديون قبل غيرهم أن وجود فيلدرز في البرلمان كفيل بتمزيق نسيج العيش المشترك الذي تدعو إليه هولندا في كل مناسبة، والذي ظل متماسكاً منذ السبعينات، حين وصل العمال المغاربة والأتراك إلى الأراضي المنخفضة كأيدٍ عاملة رخيصة. ما لا يعرفه ترامب هولندا الصغير فيلدرز أن هناك أكثر من ثلاثمئة وخمسين ألف مغربي يقيمون على الأراضي المنخفضة، نصفهم ولد في هولندا عبر أربعة أجيال. وقد لا يعرف فيلدرز أن ثمانين في المئة من الشبان المغاربة عاطلون من العمل، والأكثر من ذلك انهم، وفق وصفه، حثالة. فمن يكون فيلدرز هذا؟
نعرف الدوافع التي تقف خلف هذا السلوك المنحرف وذلك العداء غير المسبوق للمسلمين المتواجدين في هولندا. لا يمكن بطبيعة الحال أن نستبعد الطموحات السياسية التي تدفع بالبعض من المرشحين إلى القيام بأفعال اكزوتيكية من أجل الوصول إلى أهدافهم، فالغاية هنا تبرر الوسيلة، وفيلدرز يطمح أن يكون المسؤول الأول في هولندا.
عندما انهى دراسته الثانوية ذهب فيلدرز إلى إسرائيل فتعلم الكراهية من مصادرها، وبقي هناك مدة سنتين هما كافيتان لكي يكره الإنسان حتى نفسه. لكنه هذه المرة وبعد وصول ترامب الى البيت الأبيض، سيستعين بخبراء من أميركا وإسرائيل التي قد تكون هي المرجع الأول لكل تصرفاته، خصوصاً أن لديه علاقات ممتازة بأكثر قادتها على حد قوله، وقد يكونون علّموه الطرق التي يمكن له من خلالها طرد المسلمين من هولندا كما فعلوا هم عندما طردوا الفلسطينيين من أراضيهم.
وهو يطمح أن يكون رئيس وزراء هولندا بعد أن نجح حزبه، في آخر انتخابات، باقتناص تسعة مقاعد في البرلمان من أصل 150 مقعداً، والمهمة الأساسية التي ينوي القيام بها، إذا تحقق طموحه، هو طرد المسلمين والأجانب من هولندا. فيلدرز لا يقصد المسلمين الحديثي العهد بهولندا مثل المغاربة والأتراك، ولكنه يشمل المسلمين الذين استعبدتهم هولندا طيلة أربعمئة سنة في إندونيسيا وسورينام أيضاً.
انه يخاطب الهولنديين في حملته هذه باسترداد وطنهم من المسلمين واللاجئين والغرباء بلغة عنصرية لا تقبل التأويل ويثير كراهية حادة في مجتمع يعيش فيه أكثر من مليون اجنبي أغلبهم مسلمون. والمخيف أن التقارير تشير الى تزايد مؤيدي فيلدرز وحزبه، فيما الأزمة لا تزال في بدايتها، ما يؤشر الى انقسام المجتمع وحدوث ما لا يحمد عقباه مستقبلاً.
نقلا عن الحياة