إن كان الغموض سمة ملازمة للسياسيين ومرتبطة بهم، فإن شخصية الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب تسوقه ربما نحو الهاوية كقارب صغير استسلم لتيار جارف ليهوي به في شلال عظيم التضاريس..
فالغموض والمراوغة عند الكثيرين فن له أساليب وطرق لا يتقنها إلا السياسيون المحترفون.. فغير أن الغموض يخفي السياسي به العيوب والبثور، فإنه يعطيه جاذبية خاصة، فترامب لا يستطيع إخفاء عيوبه ولا قادر على إبراز جاذبية خاصة.. أعداء ترامب قد يشعرون بالغبطة فالرجل واضح لا يستطيع إخفاء شيء فهو كتاب مفتوح تستطيع بكل سهولة التنبؤ بردود أفعاله وبالتالي يسهُل الاستعداد بما يلزم لمواجهتها والتعاطي معها بسلاسة.
بيد أن وضوح ترامب يشير إلى أن العالم أجمع وليس الأمريكيين أمام تحدٍ كبير، فكانت أول عشرة أيام من حكم الرجل عاصفة كشفت عن سلوك عنجهي ليس مع العامة أو الصحفيين فحسب بل حتى مع نظرائه في الدول الأخرى من دول العالم الأول وليس الثالث.. وشهد الأسبوع الماضي كذلك طرد ترامب لصحفي بطريقة مُهينة من مؤتمره الصحفي، بسبب سؤاله عن قراره الأخير حول منع مواطني بعض الدول الإسلامية من دخول الأراضي الأمريكية.. رئيس تحرير رويترز كتب مضطرا بشكل استثنائي رسالة إلى فريق عمل وكالته، يوضح خلالها الكيفية التي ستنتهجها الوكالة الصحفية الشهيرة في تغطيتها لإدارة ترامب الجديدة.. فقال: “كان الاثنا عشر يومًا الأولى في عمر رئاسة دونالد ترامب مشهودة للجميع، وشكلت تحديًا، خاصة لنا في قطاع الأخبار. في ذات الوقت تساءل المفكر الأمريكي الأمريكية، عما إذا « بوليتيكو » فرانسيس فوكوياما في مقال نشرته مجلة كانت المؤسسات الأمريكية ستبقى قوية بما يكفي لمواجهة سياسات ترامب خلال فترة ولايته، مشددًا على إيمان الشعب الأمريكي في نظامه السياسي، ولكنه في ذات الوقت أبدى مخاوفه من أن تطغى سياسات الفرد والسلطة المطلقة على قوانين الدولة.
فوكوياما بدا محبطا بعد ما جادل سنين عددا في كتابه “نهاية التاريخ والإنسان الأخير”، بأن انتشار الديمقراطيات الليبرالية والرأسمالية والسوق الحرة في أنحاء العالم قد يشير إلى نقطة النهاية للتطور الاجتماعي والثقافي والسياسي للإنسان. وخلص الكاتب إلى أن إستراتيجية ترامب واضحة إذ يريد استخدام كل ما يتاح له لترهيب كل من يقف في طريق أجندته السياسية. ويأمل في ترهيب وسائل الإعلام.
هذا هو ترامب عاصف التوثب “ضاري”، فكيف يكون مصير العالم وقد أصبح متحكما في قرار الدولة الأعظم في العالم؟. هل تتمكن البيروقراطية والقواعد الديمقراطية المرعية من الحد من عنفوان رجل لا يتورع في فعل أي شيء يعن له؟. أم أن مخاوف فوكوياما قد تصبح واقعا معاشا؟
نقلا عن صحيفة الشرق