لماذا ترامب؟
كنت قد كتبت مقالا ضمنت فيه قواعد انطباعية لاختيار كمالا هاريس لرياسة أمريكا في الدورة القادمة، اختير له عنوان (لماذا كاملا هاريس) وتحدثنا في بداية المقال عن الديمقراطية والخيارات وما يجري في أمريكا من تفاهمات تبدو معها الديمقراطية موضع تساؤل إن بقت بصفائها.
دون شك شخصية ترامب شخصية جدلية لكنها محفزة ومتناغمة مع الشعبوية التي تحب البطل وهي متناغمة مع منهج اسبرطه الذي تتبعه الولايات المتحدة بإخضاع الآخرين وهو ما يجسده ترامب، هكذا أمست الليبرالية بتراجع النظام الرأسمالي وتوجهه اليوم نحو صراعات عالمية لتأخير تقدم ونمو المنافس بدل السباق معه تماما كمن يلامس قائد دراجة بخارية منافسه ليخرجه من المنافسة وليس ابتكار أسلوب فني لفوزه في السباق.
أحداث وأصداء:
نجد انفسنا أمام ما يحدث في القرم عندما اختارت روسيا على الدخول إلى أوكرانيا وبدأت حرب القرم اعتمادا على حسابات ربما لم تك مكتملة النضج، لكنها ضرورة استراتيجية وخصوصا لتحقيق منفذ بحري اكثر حرية لدولة مثل روسيا، متناسية واقعا أنها دولة وظيفية عالميا في حفظ النووي وليس استخدامه، فباتت في حرب استنزاف وهي تبرر مواجهة الغرب لها فعليا وبطاقة بشرية أوكرانية لانها فعلا لا تستطيع استخدام النووي فتهدد وتتغافل والغرب غائب حاضر في نفس الوقت حقيقة وواقع وفعل ومشارك بالعدة والخبرة وهو لا يخفي ذلك لكن روسيا تتغافل، وما زالت حرب الاستنزاف التي تضعف روسيا مستمرة منسية بغطاء طوفان الأقصى المتصاعد في جانب آخر من العالم، إلى الصين وتحفيزها تجاه تايوان التي تحوي مصالح الغرب في الصناعات الخاصة، وهذه السياسة في الصناعة أظهرت ضعفا في السيطرة على اقتصاديات الإنتاج والتجميع والتوزيع وربما إن أعيد النظر فيها لتعود الصناعات محلية مع إدارة الأجور بطريق مختلفة قد تصبح تايوان وغيرها خارج منطقة الحماية أو تحول الصناعات إلى مناطق يعمل على استقرارها بأسلوب آخر في أراض بكر كالمنطقة العربية المرتفعة نسبة البطالة فيها والقابلة للتأهيل لمثل هذه الأعمال الدقيقة، وضبط إيقاع استقرارها وبالتالي يبقى الدولار مدعوما بالنفط العربي أيضا….. حزمة من المصالح التي تحتاج إلى وضع سياسة تتجاوز الأمر الواقع أو تناسي الشعوب وثقافتهم وردود الفعل عندهم وتساؤلاتهم التي أفرزتها الوقائع وآخرها طوفان الأقصى وهي تعاملات بما يمكن أن نسميه جيوفكرية استنهضت لا تعبر عنها المنشورات على تويتر أو الفيس بوك ولا المحطات التلفزيونية الفضائية والمحلية ولا أمنيات تستطيب الصمت وتعتبره موت في ذات الخطأ الذي أخطأه الكيان عندما ظن أن روح التحرير قد ماتت في غزة إلى أن أيقظه الطوفان، فراح يعمل على تدمير غزة لسبب أو لآخر كالظن بإمكانية تمرير قناة تتجاوز قناة السويس وإنجاح مشروع كبهارات القادم من الشرق وهذا لايمكن أن تصنعه قوة التدمير والزعم أنها انتصار فالتدمير والقتل للمدنيين وتخريب الحياة واللعب والتطهير العرقي والحياة؛ هذا كله ليس ذي نتائج مستقبلية ممكن إحصائها أما التخطيط فيوضع على ما هو معلوم من تقنيات البناء وتقنيات الحروب ولكن المستقبل لا يعلم ما تنتجه تقنيات المقاومة حتى لو مضى مخطط إفراغ غزة ، لانه سيكون احد الدوافع الرافعة لعودة المقاومة بشكل جديد وجيل جديد… وهنا لابد من تغيير سياسة القمع والتدمير والاعتماد على تشكيل الظرف، وإنما التوجه لبناء عمل استراتيجي ليس كما يحب الكيان وإنما كما هو صواب لا يترك أثرا سلبيا يتعاظم مع الزمن فيستدعي طوفان الأقصى مرة أخرى وليس غير العدل من طريق بما قد لا يخطر على بال احد من السياسيين في المنطقة فليس بايدن وهاريس وترامب دوما متاح مع تقلبات مراكز القوى، وليس واقع المنطقة دوما قابلا للتشكيل وقد زادت كلفة الكيان وانكشاف هشاشته.
متغيرات مهمة:
ومن التوقع لدخول كاملا هاريس إلى قرب الانتخابات تغيرت أمور كثيرة، فأمريكا بانت في عصر الديمقراطيين حائرة تائهة تشبه ما كان يظهر رئيسها فيه بمشاهد معروفة إعلاميا، هي تستخدم مخزونها الحربي في قصف المدنيين وتدمير غزة والان مدن في لبنان بقوة تدميرية هائلة ليست مجبرة على فعلها، والشعب الأمريكي يرى أنهذا يستوجب عقابا من نوع ما.
ظهور أوباما في الساحات الخطابية وهو يدافع ويبدو عليه الخوف من الفشل استحضر أثرا سلبيا عند الشعب الأمريكي فهو كما يبدو كمن يفقد سلطته وليس نوع من الترويج لحزبه ومرشح حزبه.
مع هذا القرار لما سيعلن من نتائج ومدى ضبط التصويت وما يريده أصحاب المصالح الموجهين بين الحزبين في جولة جديدة لمرحلة جديدة لابد من انتظار أيامها كما العالم بما تبقى لتحسم الأمور مع كل ما ذكرنا وما لم نذكر مما هو الأكثر تأثيرا في القرار مع التحولات لبؤرة فاعلية الاقتصاد واستمرار النفوذ لدولة عظمى متفردة اليوم كما يبدو خصوصا إن شارك الجمهور بكثافة وصدق ما يشاع من حركات غير مرغوبة في الانتخابات التمهيدية لكن مازالت كاملا هاريس إن لم تحصل التوافقات التي ذكرناها هي رئيس القطب الأوحد القادم.