يتحدث أحد الأساتذة الكرام وهو حزين عن حالة التردي العلمي التي نسير في طريقها بسرعة مخيفة والتي وصلت إلى درجة ومستوى وجود أحد طلبة الدراسات العليا ممن يدرسهم يخطئ في كتابة اسمه!!
نعم قد يشكل الأمر صدمة كبيرة ولكنه أمر متوقع بعد تراكم غض الطرف والبصر منذ وقوع أول خطأ في حرف لوحده كان موقعه غريباً في بلد الحضارات العريقة، مثلما ان هذا النموذج ـ ولا أبالغ ان قلت أن هناك عشرات مثله اليوم ـ يفسح له المجال ولأسباب عدة ليثبت موقعه بين حملة الشهادات العليا كثيرة العدد حدّ التخمة خاوية المضمون حد الهزالة المميتة!!
الخلل أصله واحد سواء أكان فساد ذمم وبيع للضمائر ام تهاون في التعاطي مع هذه الظاهرة وتراخي العلم وانهيار مستويات الثقافة واضمحلالها وسيادة خطاب التفاهة والمظاهر الفارغة، ومثلما أن الأصل واحد فان انعكاساته كذلك على واقعنا لا تختلف عمّا سواها من السلوكيات المرفوضة، ففي النهاية نحن نهيء لواقع ضعيف غير قادر على مجابهة التحديات مهما كانت بسيطة.
وقد يستغرب البعض ما علاقة هذا الطالب المخطىء في كتابة اسمه واضطراب الواقع فنقول اولاَ إن السماح بمرور هذا الخطأ دون محاسبة وعلاج في آن واحد هو الذي سمح بتكراره وتوسعه ليكون ظاهرة عامة، حتى وصلنا إلى استغراب من يكتب دون خطأ املائي أو يصوغ عبارات متماسكة في اطاريح الدكتوراه حتى!!
ثم ان المجتمع والدولة ثانياً إنما تتكون من تكامل والتقاء هذه الأجزاء فيما بينها، لأننا كلنا في مركب واحد، ومن لا يعرف قواعد اللغة العربية سيكون يوماً ما هو المعلم والموجه للجيل الجديد وقد كان، فبات المخطىء يوسع ترددات خطيئته حتى تعم على المجتمع بأكمله، فلا يستهين أحداً بأي فعل سلبي مهما كان بسيطاً وفردياً وخاصاً لأن أثره سيكون وخيماً على ما بعده، فالحريق الكبير أصله شرارة أهملت فاتسع لهيبها!
الاصلاح مشروع متكامل، وخطة الانقاذ تتعلق وتدخل بكل جزئية من الحياة بدءاً من قواعد اللغة العربية وانتهاءً بالحفاظ على الهوية الوطنية.