نشهد في السنوات الأخيرة، وتحديدًا بعد احداث هبة أكتوبر، تراجعًا للوعي الوطني القومي الفلسطيني، وتدنٍ في الخطاب السياسي، وغياب الهوية الوطنية لشبابنا، فضلًا عن انحسار الفكر المقاوم وثقافة المقاومة، وتبلور خطاب سياسي استسلامي انهزامي مقايض ومتأسرل بين أوساط جماهيرنا العربية، والهرولة نحو الأحزاب الصهيونية والانخراط فيها ودعمها في انتخابات الكنيست، وعودة المخترة السياسية والمخاتير السياسيين.
وفي نظري أن هذا التراجع مرتبط بالتطورات والظروف السياسية الراهنة، وحالة الجزر الثوري التي تعيشها الحركات الوطنية والسياسية والقوى اليسارية العربية، وغياب النشاطات والفعاليات السياسية والفكرية، ونكوص النشاط الحزبي والجماهيري والطلابي، وانحسار القيم الوطنية، وبفعل الثقافة الاستهلاكية الوافدة، وسقوط الأيديولوجيات، والتقوقع الوطني على حساب الانفتاح القومي. بالإضافة إلى غياب الدور الريادي الطليعي للمثقفين والاكاديميين، وحالة الاحباط واليأس العامة، ووصول المشروع الوطني الفلسطيني إلى درجة كبيرة من التراجع والإخفاق.
وعليه، فأمام هذا الواقع السياسي المأزوم والتردي الحاصل، لا بد من إعادة الاعتبار للفكر الوطني القومي، وهذا يتطلب العمل بجدية وفاعلية لنشر وتجذير الوعي الوطني القومي والتعبئة السياسية والفكرية، وبناء الشخصية الوطنية، وبلورة مشروع وطني وحدوي انبعاثي جديد، تلتف حوله كل القوى الوطنية السياسية الفاعلة، وتعزيز دور المثقفين والاكاديميين، الذي تراجع بالمقارنة مع الدور التاريخي الذي لعبوه في الماضي البعيد، وقبل مرحلة اتفاق اوسلو.