تؤدي تراكم المشاكل والأزمات إلى تفاقمها وتعقيدها وصولاً إلى درجة استحالة معالجتها، مما يولد اليأس في نفوس الشعوب، ويجعلها تفقد الإيمان والثقة بإمكانية التغيير.
والناس في ذلك مراتب، ولكنهم يتشابهون في عكس هذه القناعة المتزايدة مع غلبة الأزمة على سلوكياتهم وأقوالهم المتعددة في ظاهرها ولكنها الملتقية في باطنها بالإحساس المر بعدم وجود غدٍ مشرق كما يتمنون، ولذلك تكثر الهجرات، ويعم الشعور بعدم الاهتمام، ويغامر المرء بحياته بحثاً عن أمل بعيد لعل فيه النجاة!.
وبينما تتهاوى هذه الثقة، يزداد حجم جبل جليد المشاكل، فتراه يعلو ويعلو دونما انتهاء أو توقف، ما دام الجميع قد انفض ورفع يديه على المساهمة في تشكيل وصنع البديل، فالكل يعتقد أنه بعيد عنه، وحتى في حال الاحساس بالخطر فإن الفجوة والهوة العميقة التي تفصل الواحد عن الآخر داخل المجتمع لا تجعل المرء يستشعر قيمة الانقاذ الجماعي بل تجعل التفكير مقتصراً على النجاة الفردية وانقاذ الذات لوحدها وحسب.
ولعل احدى سبل العلاج المنتظرة العمل الجاد لتذويب جبل الجليد، وذلك لن يكون بإصدار القرارات الباردة التي لن تزيد المشهد إلا قتامة وجموداً، بل هي في اتخاذ السبل المفعمة بحرارة الجدية والإخلاص والسعي الحقيقي للخلاص، حينها فقط يبدأ الجبل الشاهق بالهبوط وصولاً إلى ذوبانه التام.
وتذويب جبل الجليد مشروع انقاذ متكامل لو أردنا الدقة، وتقوده جهات متعددة لا بد لها من التعاون والتكاتف لتحقيق هذا الهدف، وادواته ليست تقليدية بل هي تميل إلى مخاطبة المجتمع فهو معيار النجاح، وتجسير الثقة معه يستلزم صبراً ووقتاً ومخاطبة بذات اللغة المعاصرة التي تستشعر الهموم وتستحضر العلاجات وتلتزم مسار تنفيذها حتى الختام.
وفيما عدا ذلك، فالجبال الشاهقات تعلو وتكثر، وضريبة الخلاص منها تزداد، فبدلاً من القتال على جبهة واحدة تكون المفاجأة أنك أمام ساحة مركبة ومتعددة الجبهات!!