في يوم لاهب من ايام الصيف العراقي .تشرفت بزيارة الامام امير المؤمنين (ع) فجر يوم 4/7/2021 بعد الانتهاء من مراسيم الزيارة, انزويت تحت السقيفة مقابل السوق الكبير. ركنت نفسي مقابل جامع الخضراء الذي احمل فيه رصيدا جميلا مملوءا بالخوف والتضحية ودعم مرجعية السيد الخوئي رحمه الله, من خلال تنفيذ بعض الاعمال التي توكل الى العاملين في الخطوط الخلفية. التي لعبت دورا كبيرا في دعم اعمال المرجعية زمن الحرب العراقية الايرانية .
بعد قراءة الدعاء لنصر المؤمنين , جالت في خيالي صور هذا المسجد الملاصق للعتبة الحيدرية, رأيت المنتسبين كل واحد يقوم بدوره صباحا, يقدمون الخدمة للزوار القادمين من انحاء العراق . شعرت ان قلبي يبتسم لما وصلت اليه الحالة , رغم المنغصات السياسية ..مرت في بالي تلك اللحظة مجيْ سيارة السيد الخوئي طاب ثراه كل يوم لأداء صلاة والعشاءين, تقف هنا قريبا من المكان الذي اجلس فيه, كان المكان وقتها ملغوما بأزلام السلطة البعثية,
هنا يقف منتسبو الامن والمخابرات وجهاز الامني الخاص والاذناب من باعة البسطات وغيرهم , ينزل السيد الخوئي بمساعدة الخادمين الحاج علي والسيد ايوب الافغانيان , يحملانه من كتفيه ورجلاه يخطان الارض نحو المحراب.لاداء الصلاة .
الوجوم والخوف يسيطر على المكان , رجال الامن يراقبون كل حركة او قول , لا يرفع الصلوات الا الحاج عبد الحسين الخضار النجفي رحمه الله , ينتظر المصلون رفع الاذان في الحضرة المقدسة.وتقام الصلاة.
هناك شخصيات حوزوية وكبار الاساتذة يجلسون في الخطين الاول والثاني , يخالطهم غالبا زوار المحافظات, غير ان الزيارات الكبيرة في عيدي الاضحى والغدير يزداد عدد الزائرين من دول الخليج العربي ,ويترك العراقيون فرصة للزوار الخليجين لمقابلة السيد والاستماع لآرائه في المسائل التي تطرح عليه . اما العاملون في الخطوط الثانوية الخلفية فانهم يقدمون خدمات ومساعدات تقدمها المرجعية في تلك الظروف بعيدة عن اعين ازلام الامن والرفاق المناظلون في حزب البعث ..ومنها.
** توصيل المساعدات المالية( رواتب شهرية) لبعض عوائل الشهداء الذين تم اعدامهم من قبل اجهزة صدام حسين .او الذين فقدوا اهلهم بغياهب السجون.او ممن فقدت اثارهم تماما .
** مجموعة تقوم بتوصيل المساعدات(سلة غذائية) لعدد كبير من بيوت الفقراء خاصة في شهر رمضان المبارك , وهناك سلات منتظمة طوال السنة.ترسل الى بيوت اليتامى والفقراء
** هناك شخص من اهل الفاو اسمه حامد المطوري. لا زال حي يرزق , كنت اراه يتردد الى جامع الخضراء ,وكنت اعرفه ولكني لم اتقرب اليه للضرورة الامنية , انقطع فترة طويلة عن الصلاة ولم اعد اراه .. وبعد رجوعي للبصرة ,عام 1993م هربت بسب قضية امنية الى ايران, هناك التقيت بهذا المجاهد حامد المطوري ابن الفاو , سالته عن سبب انقطاعه, قال: انا كنت انقل بريد من (يد السيد الخوئي الى مكتب السيد الخميني) ,” قدس الله سريهما” … سالته هل محتوى البريد فيه قضايا امنية او سياسية..؟ اجاب كلا فقط امور تتعلق بالبحث الخارج وبعض الاراء العلمية في الجوانب الشرعية بين المرجعين العلمين,
قلت اكمل: قال وقعت يوما بيد قوات الحدود اثناء عبوري من ايران الى العراق ..نقلوني الى بغداد الشعبة الخامسة. وقضيتي لا تحتاج اعتراف كوني احمل بريدا مختوما من جهة اصداره ..وطنت نفسي للإعدام . ولكنهم احترموني كثيرا وعرضوا على ان اتي اليهم بالبريد ويستنسخونه ويعيدونه لي , وانا بدوري انقله لاحد المرجعين , وفعلا صوروا البريد المرسل من قبل السيد الخميني وسلموني اياه واعطوني خمسة عشر دينار اجرة السيارة. وحددوا شخص اتصل به قبل عبوري لايران من طريق الهور ليسهل مهمتي .
حين وصلت النجف اخبرت السيد الخوئي رحمه الله بالموضوع. سكت قليلا , ثم قال: ” لا يكلف الله نفسا الا وسعها” فهمت عبارته ان اتنحى عن مسؤولية العبور .. اخبرته اني سانقل بريده هذه المرة فقط واخبر الجهات الايرانية اني لن اعود للعراق . وفعلا تركت العمل.