أبجدية العمل السياسي منذ الازل للأحزاب والحركات السياسية تتبنى النهج والرؤيا المستقبلية تحت بند الهدف العام .. وحين يحصل انحراف في المسار التطبيقي يعتذر قادتها للجمهور وفق رؤيا التباين البسيط بين النظرية والتطبيق.
وما حصل بعد عام ٢٠٠٣ في العراق والوجود الامريكي وإعلان مؤتمر باريس ان جميع التعهدات الملزمة بعد انطفاء الديون شريطة التزام الحكومات بسياسة اقتصاد السوق وتمكين القطاع الخاص وانتقال مصادر الثروة من الدولة الى الأفراد لتمكين عجلة الصناعة والزراعة وتوظيف السيولة المالية المتأتية من مصادر الثروة النفطية لتنشيط حركة الحراك الاقتصادي وفق اقتصاد السوق.
ماحدث من تولي حزب الدعوة بقيادة المالكي لسنوات الرخاء السعري للنفط اخذ بناصية القطاع العام للشركات الحكومية المترهلة والخاسرة الى زيادة التوظيف الفضائي وفق المصطلح العراقي المتداول الى أضعاف أضعاف اعدادها والمباشرة بابرام العقود لتأهيل مصانع عفى عليها الزمن من قدمها .. وصفقات العقود للمكائن والاليات بغية حصول احزاب السلطة على عمولات تصل الى أضعاف قيمة العقود ناهيك عن العقود الوهمية وبذلك أدى الى زيادة الترهل الوظيفي لتلك الشركات والثقل المالي على خزينة الدولة بتأمين الرواتب دون نتاج يذكر .. اضافة انها أصبحت أوكارا لتمويل ميليشيات الأحزاب الدينية الحاكمة مما أدى الى مزاحمة تلك الشركات للقطاع الخاص بل تحجيمه وتضيق الخناق تحت شعار ان الشركات الحكومية لها الاولوية بالعمل لتأمين مصادر التمويل لمنتسبيها .. وبدات رحلة من الفساد المنظم تحت رعاية الأحزاب وامتلاك الوزارات بطريقة المحاصصة والتقاسم للثروات بين الأحزاب حتى بات القطاع الخاص مشلولا وغلقت معامله وبقي لا وجود يذكر لتلك الشريحة الصناعية ناهيك عن فتح الباب على مصراعيه لدول الجوار بتصدير البضائع الرديئة وفتح الحدود لها بعمل استخباري منظم لتلك الدول .. اضافة للنهب المنظم تحت ذريعة إعمار البنى التحتية في مجال الكهرباء والذي أغدقت عليه الأموال بلا تحسن يذكر.
لكل ما تقدم وعلى مدى عشرة سنوات بقيادة حزب الدعوة وهم المدافعين شعاراتيا عن تحقيق الراتب للمنتسب تحت رؤية الاقتصاد الاشتراكي ولزاما على الموظف ان يحمل البندقية ميليشياويا او يصفق ويهتف باسم الحزب والرئيس … وجميع تلك الخطوات حالفها الحظ بارتفاع أسعار النفط لتغطية الرؤيا الانتحارية لحزب الدعوة بأخذ العراق الى مهاوي الردى.
وبعد تمسك المالكي بمقاليد الحكم والضغوط الدولية والإقليمية عقب احتلال ثلث العراق أطل علينا حزب الدعوة بشخصية اخرى وهو السيد العبادي ليعلن بتبني اقتصاد السوق وإعادة هيكلة القطاع العام وتشجيع القطاع الخاص بخطابات سفسطائية بعيدة عن وضوح الرؤيا العلمية في النظرية والتطبيق والاختباء تحت شعارات الأمن القومي.
خلاصة القول ان الطريقة العبثية والانتقالات المصلحية لما يقوم بها حزب الدعوة بالضحك على العراقيين والعبث بمستقبل العراق بغية الاستمرار بتلابيب السلطة طريقة يندى لها الجبين بالامس المالكي اشتراكيا واليوم العبادي رأسماليا.
تطبيقا للمثل الشعبي العراقي “تيتي تيتي شلون رحتي اجيتي”