19 ديسمبر، 2024 12:25 ص

تدريس العلوم او اي مادة اخرى باللغة القومية لكن اي لغة قومية؟

تدريس العلوم او اي مادة اخرى باللغة القومية لكن اي لغة قومية؟

نشر السيد ضياء نافع مقالين في 18 و 20 كاتون الاول 2018 يدعو فيها لتدريس العلوم باللغة القومية و اعتقد انه يقصد بها الغة العربية الفصحى (لغة قريش). و يقارن هذه اللغة بالفرنسية و الانكليزية وغيرها من اللغات بل يصفها بالمقدسة ربما لانها لغة القرآن او لسبب آخر . ويعطي مثلا ( الطالب اللبناني الذي يتقن الانكليزية يحتاج الى اربعة اضعاف المجهود اللغوي , الذي يبذله زميله الامريكي كي يستوعب المادة نفسها ). لا ادري كيف يقارن لغة قريش باللغات الاخرى و كأنه لا يدرك ان لغة قريش هي لغة اجنبية او في احسن الاحوال لغة ثانية بالنسبة لسكان ما يسمى بالدول العربية. أللغة ألأم هي لغة التخاطب اليومي في البيت والشارع و السوق. لو تتبعنا أنكليزي مثلا عنده شهادة ثانوية (جي سي أي) في تعامله اليومي في ألبيت في السوق في ألعمل و دونّا ما يقوله لتحييد أللكنة نجد على ألأقل 60% من اللغة التي يستعملها صحيحة و تصلح للاستخدام في ألمراسلات الرسمية. عند اهل ألعراق و ألشام و مصر لو تتبعنا خريج جامعة هذه النسبة لا تصل 5%. اللغة العربية الفصحى تُدَرس في هذه الدول كما تُدَرس الانكليزية في انكلترا و الفرنسية في فرنسا دون أدراك أنها لغة ثانية و ليست اللغة ألأم. منذ ستين عاماً و سوريا تدرس العلوم و الهندسة و الطب بالعربية و لو اخذنا مثاله عن الطالب اللبناني فهل ان مستوى خريجي سوريا في هذا التخصصات افضل من مستوى خريجي العراق الذين يدرسون هذه التخصصات بالانكليزية؟ بالتاكيد لا لأن كليهما السوري و العراقي يدرسان بلغة ثانية.
ولو نظرنا الى تاريخ اللغة العربية الفصحى التي كانت لسان قريش و ثقيف و بعض القبائل حوالي مكة و كانت تختلف عن لسان باقي قبائل الجزيرة الى حد أن أمهات مكة كن يدفعن بابنائهن ألرضع ألى أمرأة تأخذهم بعيداً عن مكة لخمس أو ست سنوات لكي لا يختلط لسانهم بلسان ألأعراب الذين كانوا يتوافدون على مكة. حليمة السعدية مثلاً. ثم غزا هؤلاء ألأعراب دول الجوار و أختلطت لغتهم التي تختلف عن لغة قريش أصلاً باللغة المحليّة ونتج عنها مانسميه أللهجات ألمختلفة. وهكذا دخلت لغة منطوقة غير مكتوبة و لا مقروءة ففي باقي اللغات اقرأ لتفهم و في العربية افهم لتقرأ. هذه الصعوبة و الاصرار على تدريسها على انها اللغة الام ادى الى ضاهرة الحفظ الاصم (الدرخ) و احدى اسباب تخلف هذه الشعوب.
في اوسط الستينات كنت في ثانوية كلية بغداد الامريكية في أول سنتين (ألصف ألسابع و ألثامن) ألواجب البيتي أليومي للانكليزي سبب تكلس في أصبعي ألوسط من ضغط القلم. فألأباء اليسوعيون رضي الله عنهم كانوا يدرسونا ألأنكليزي لندرس الرياضيات و الفيزياء و الكيمياء بها. كنت اساعد طلاب الخامس ثانوي (البكلوريا في وقتها) في محلتنا في العلوية في تصحيح ألأنشاء و عندما أصحح جملة كانو ا يسألوني ما هي ألقاعدة فأجيب لا أدري لكن هذه ألجملة خطأ و الصحيح هو هذا , أي هكذا قالتها ألأنكليز. هكذا يجب ان تدرس العربية, لغة ثانية. لأسباب عقائدية عروبية لم يكن يسمح بالنقاش في هذا الموضوع.
قضيت سنة في اليابان و تعلمت المحادثة بطلاقة لكن الكتابة كانت شيئ آخر. أليابني يحتاج ان يتعلم ١٨٠٠ رمز او رسم كلمة ليستطيع قراءة صحيفة يومية وهذا يتم اعتياديا في نهاية الصف التاسع و الكتب المدرسية تؤلف مراعية تطور لغة الطالب. هكذا يجب توضع المناهج باللغة العربية لكل التخصصات. لكن بالنسبة للعلوم و الهندسة و الطب امامنا خيارين لغتين ثانيتين واحدة ثرية بالمصادر و الدوريات العلمية والاخرى…..