17 أبريل، 2024 4:10 م
Search
Close this search box.

تدحرج القوى!!

Facebook
Twitter
LinkedIn

القرن الجديد هو قرن تدحرج القوى وتصادمها الفظيع , فقد تنامت العديد من القوى في القرن العشرين وبعضها غابت , وكانت أطولها عمرا قوة الإتحاد السوفياتي التي إستمرت لسبعة عقود.

وقد أثبت لنا العقد الأول من القرن الحادي والعشرين , أن أية قوة أرضية لا يمكنها أن تمتلك عمرا أكثر من سبعة عقود , بل أن جميعها ستكون مأسورة ببضعة عقود وحسب.

وذلك لأن عوامل الزمن المعاصر تختلف تماما عن سابق الأزمان , حيث حققت الإتصالات ثورة تفاعلية غير مسبوقة , مما أدى إلى تحقيق تغيرات متسارعة وتفاعلات متواكبة , وتصاعدات فائقة تصل ذروتها بسرعة غير معهودة.

ومعنى ذلك أن القرن الحالي سيشهد تصاعد قوى وإنفجارها كأنها البالونات المحلقة في الفضاء , وهكذا فنحن نرى العديد من التصاعدات والتفاعلات الناهضة الساعية للتعبير عن دورها وتأثيرها , لكنها تحمل أسباب وقدرات فنائها معها , ولهذا فأن القرن الحالي سيعيش إضطرابات متلاحقة وغياب قوى عديدة وظهور أخرى على مسرح الأحداث.

وسيتم فيه إبتلاع أوطان وتذويبها وسيادة مجتمعات وتمكنها , وسيكون إبتلاع الشعوب أمرا عاديا , لأن الوجود البشري بحاجة إلى إعادة صناعة ذاته وموضوعه , ويكون ذلك بإفتراس مجتمعات أخرى وهضمها وتحرير طاقاتها.

وهذا ما يحصل في بعض البلدان , حيث يتم هضمها من قبل القوى المفترسة والتمتع بطاقاتها من أجل المحافظة على القوة والإقتدار , وبهذا ترى العديد من القوى الشرسة التي تأكلها بقسوة وعنفوان ولا تأبه بأبنائها , لأنهم في حساباتها الإفتراسية مصادر طاقات تحتاجها ولا بد من إفتراسهم للحصول عليها.

والإفتراس المعاصر يمتلك مهارات وقدرات وأساليب غير مطروقة , ويرفع شعارات مخادعة تضليلية لكي يحصل على ما يريد.

ومن أهم أساليبه مزج الديمقراطية بالدين.

ولهذا نراهما فاعلان ومؤثران , فبواسطة الديمقراطية والدين يمكن إفتراس الشعوب وتحرير طاقاتها وإمتلاكها , وإمتهانها ومصادرة حرياتها وسلب ثرواتها وتقرير مصيرها.

ووفقا لهذه الأساليب الفتاكة , فأن الدين والديمقراطية سيكون لهما الدور الأساسي في مواصلة الإفتراس , وهذا ينطبق على أي مجتمع موضوع على قائمة الفرائس المنتظرة ووفقا للجدول الزمني المضبوط.

ويبدو أن منطقة الشرق الأوسط هي المنطقة الأكثر تأهيلا لهذا التفاعل التدميري والخراب الحضاري المطلوب , وفي هذا جوهر مأساة دامية لا تنقطع ولن يتوقف أوّارها.
فهل ستكون منطقة الشرق الأوسط قوة متدحرجة مع القِوى , أم أنها ستكون سوحا لتدحرج القوى الأخرى فوقها؟!!

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب