اليوم؛ يمثل الثالوث التحالفي (السوري ـ الإيراني ـ اللبناني) واحداً من أهم التداعيات التي ستؤثر في حال قيام الولايات المتحدة الأمريكية بتوجيه ضربة عسكرية مدمرّة لحكومة بشار الأسد الحالية، فقد أبرمت الحكومة السورية معاهدة دفاع مشترك بينها وبين جمهورية إيران الإسلامية ، كما أنَّ هنالك تحالف (سوري ـ لبناني) ممثلاً بحزب الله؛ يؤكد أهمية هذا التداعي السياسي ، الذي من خلاله ؛ سوف يعكس أي تصدع أو تهشم في المؤسسة السياسية السورية الحاكمة بأصدائه على الكيان السياسي لحزب الله ، واهتزازه على الساحة السياسية العربية عامة واللبنانية خاصة ، فقوّة حزب الله السياسية مرتبطة ارتباطاً صميمياً بالمؤسسة السياسية الإيرانية كمنظومة عمل سياسي عالمي إسلامي من جهة ، ومرتبطة بالمؤسسة السياسية السورية كمنظومة عمل سياسي عربي قومي من جهة ثانية.
الجنرال أحمد وحيدي وزير الدفاع الإيراني وفق ما نقلته عنه وكالة مهر الإيرانية للأنباء كشف أن دمشق : لم تتقدم حتى الآن بأي طلب يتعلق بهذه الاتفاقية، وإنَّ اتفاقية الدفاع المشترك لا تزال قائمة وسارية المفعول بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية والجمهورية العربية السورية .
روسيا من جهتها وعلى لسان وزير خارجيتها سيرغي لافروف أكدت أن سوريا لا تنوي استخدام السلاح الكيماوي ضد المعارضة السورية،إلا أنها حليف سياسي لسورياـ وبرأيي هي الحليف الذي ينأى عن تحالفه عند اشتداد الأزمة ـ
إذن ؛ اليوم يوجد توافق دبلوماسي بين كل من سوريا وإيران وروسيا وحزب الله لبنان يجعل الوضع السياسي مقلقاً إزاء الولايات المتحدة الأمريكية، مما لا يؤهل أمريكا لتأخذ راحتها حول حسم المجازفة بتوجيه ضربة عسكرية تدميرية لحكومة بشار الأسد، وما لهذا من تأثير على قرار حلف الناتو في الظرف الراهن.
يذكِّرنا عمل البعثات الدولية لتقصي الحقائق ، عن تدمير السلاح الكيماوي السوري بأحداث ما قبل الضربة الأمريكية على العراق ، وكيف استمرت تلك البعثات ، وما كانت تنوي إلاّ تدمير الأسلحة الكيماوية أولاً ، ومن ثم يتم إسقاط حكومة صدام حسين .. في جميع الأحوال. وما أشبه اليوم بالبارحة ؛ فها هي البعثات الأممية المتوافدة على سوريا لأجل إخلاء وإفراغ سوريا من الأسلحة الكيماوية تمهيداً لإعلان موعد الضربة العسكرية ، حال تنفيذ المهمة الأممية المنسقة لصالح مشروع الضربة المنتظرة ، لأنَّ الإدارة الأمريكية تعلم بأنَّ تسرّب أسلحة الحكومة السورية سيصل إلى قوى المقاومة المقبلة ضد الاحتلال والغزو الأمريكي الموعود، وهي تجربة مستمدة من المقاومة العراقية التي استفادت كثيراً من الأسلحة التي استولت عليها من مخلفات نظام صدام حسين أثناء الانفلات الأمني الذي حصل بعد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003.
سوريا الأسد تختلف عن عراق صدام حسين ؛ فالعراق ترك بصماته الدموية السوداء على قلوب العراقيين ودول جواره من العرب والمسلمين والمجتمع الدولي عامة ، فالعراق حارب جمهورية إيران الإسلامية لثمان سنوات دامية .. غزا دولة الكويت الشقيقة ونهبها وشرّد شعبها الآمن المطمئن المتنعم بخيرات حكومته .. اختلف سياسياً مع سوريا .. تناحر مع السعودية وأتهمها بالصهينة .. خسر تركيا . بينما سوريا الأسد تمتاز بعلاقات جيدة مع الحكومة العراقية .. فهي مأوى معارضة الأمس ـ حكومة اليوم .. وهي التي عقدت الاتفاقيات الإستراتيجية مع إيران .. القوة التي لا يُستهان بها في الخليج ومنطقة الشرق الأوسط اليوم، كما تمثل سوريا الوجه القومي المقاوم للاحتلال الصهيوني لفلسطين ، وهذا ما يجعلها موضع احترام القوميين العرب،وهي التي تمتلك العمق السياسي والعسكري والأمني من خلال حزب الله اللبناني .. كما أنَّ لسوريا الأسد عمقاً عقائدياً مع عراقيي العراق وشيعة العالم ، من خلال المقدسات التي تحتضنها وترعاها سوريا الأسد في بلاد الشام ، والتي ستتعرض إلى ما تعرّضت له المقدسات الشيعية على أيدي جبهة النصرة والجيش السوري الحر قبل أن تحكم ، فما بالها لو حكمت سوريا!؟
لقد أثبتت العمليات الجهادية للواء أبي الفضل العباس(ع) وحزب الله العراق ، أن العمق العقائدي لشيعة العراق في سوريا ، والعمق الشيعي لسوريا في قلوب العراقيين الشيعة ، من خلال صيانة حياض المقدسات والمراقد المباركة الشيعية في سوريا ، كقبر السيدة زينب بنت الإمام علي (ع) ، وقبر السيدة سكينة بنت الإمام الحسين(ع) وأختها رقية بنت الإمام الحسين(ع) وآخرين ، يجعل سوريا عمقاً عاطفياً عقائدياً مذهبياً لدى شيعة العراق ، وشيعة إيران ، وشيعة لبنان ، وشيعة العالم ، الذين سوف لن يسكتوا أبداً لو نيلت مقدساتهم الكريمة على أرض الشام ، مهما كلّف الثمن ، ومهما كانت الخسائر ، وسوف لن تهدأ نار الثورة الشيعية ، حتى تهدأ نار الثورة الفلسطينية .
مضيق هرمز الإستراتيجي ؛ الذي تهدد إيران الإسلامية بغلقه حالما تشن أمريكا حماقة ما في المنطقة ، سيؤثر كثيراً على صادرات النفط لدول الخليج ، وسيُحدث أزمة اقتصادية وتجارية عالمية في الدول الخليجية الموالية للولايات المتحدة الأمريكية كالعراق والإمارات العربية المتحدة وقطر والمملكة العربية السعودية والبحرين وغيرها .
على أمريكا وحلفائها أن يتعقلوا ، قبل أن يتورطوا بإشعال نار الحرب في منطقة الشرق الأوسط .. على أمريكا وأذنابها من الحاكمين العرب أن لا ينجرّوا بهذا الاتجاه ، الذي سوف لن ينال حظاً أفضل مما ناله أهل العراق جرّائهم . فلو قدِّرَ لأهل العراق أن يقرروا مصيرهم مع حكومة صدام حسين بالأمس ، لكان حال العراقيين أفضل مما عليه اليوم. فعلى من يريد لأهل الشام أن ينالوا حظاً أوفر وأفضل .. ولكي لا يعيّرهم أحد بأنهم قرروا مصيرهم السياسي في الحكم الجديد من خلف الدبابة الأمريكية ، عليهم جميعاً إذن ؛ أن يتركوا خيار السوريين للسوريين ، وهم المسؤولون عما ينالون من خير أو شر !
أليس هذا هو المنطق الحقّ ؟!!!