22 ديسمبر، 2024 8:25 م

تداعيات التطبيع التركي الأرميني على العِلاقات التُركيّة الروسيّة!

تداعيات التطبيع التركي الأرميني على العِلاقات التُركيّة الروسيّة!

تركيا بعد هزيمة الجيش الأرميني في قره باغ أخذت تبعثُ برسائل تطبيع إلى الجانب الأرميني (Yeniçağ, 23 Aralık 2021)) وعلى أثرها وزير خارجيّة أرمينيا فان أونانيان أكد بأنّ بريفان مُستعدّة لتطبيع العلاقات مع أنقرة دون شروط مُسبقة مُضيفاً أنّ عدد من شُركائنا الدولييّن بما فيهم روسيا أبدوا استعدادهم للتوسط من أجل تطبيع العلاقات الأرمينيّة – التُركيّة. وفي السياق نفسه صرح رئيس مجلس الأمن القومي الأرميني أرمن غريغوريان في وقت سابق بأنّهم يتشاورون مع روسيا حول إمكانيّة تطبيع العلاقات مع تُركيا. (TRT Arapça, 24نوفمبر، 2021). أمريكا من أجل كسر شوكة الروس في المنطقة طلب رئيسهم بايدن من أردوغان – خلال القاء الذي جمعهم في قمة دول العشرين -G20 التي عُقدت في العاصمة الإيطاليّة روما- تطبيع علاقاتهم مع الأرمن وبحضور وزراء خارجيّة البلدين الذين تناولوا الموضوع بكل تفاصيلها. وكالة بلوم برج الأخباريّة أكدت بأنّ التغير الراديكالي الحاصل في السياسة الخارجيّة التُركيّة هي من أجل إرضاء الرئيس الأمريكي وإصلاح العلاقات التُركيّة الأمريكيّة المُتأزمة. (Yeniçağ, 23 Aralık, 2021) نعم قلتُ في مقالتي السابقة عن التطبيع بين تركيا وأرمينيا بأنّ هنالك لقاء سري عقد بين الجانبين التركي والأرميني في بلد أوروبي لم اقصد روسيا قطعياَ. روسيا رغم دعمها للأرمن ووجود اتفاقيّة دفاعيّة استراتيجيّة معهم ووجود قاعدة عسكريّة لها على أراضيهُم وموقفها من حربهم الأخيرة في قره باغ. الا أنّ نظرتها إلى عمليّة التطبيع التُركيّة الأرمينيّة تختلفُ على نظيرتها الأمريكيّة والأوروبيّة. روسيا تريدُ إيجاد حل جذري للمشاكل العالقة بين أذربيجان وأرمينيا عبر تطبيع العلاقات بينهم وفق المحددّات الروسيّة وبالتالي احلال السلام والاستقرار في منطقة قفقاسيا ومنع التدخُلات الخارجيّة التي تريدُ زعزعة استقرارها من الداخل. روسيا لهذا أبدت استعدادها لوزير خارجيّة أرمينيا ورئيس مجلس أمنها القومي التوسط في تطبيع علاقاتهم مع تُركيا. ولكن أمريكا والاتحاد الأوروبي تريدان من التطبيع وسيلة لإيجاد موطئ قدماً لهما في جنوب قفقاسيا ومعها زعزعة استقرارها وضرب الكيان الروسي من الداخل عبر تحالف ثُلاثي تجمعهُم بجورجيا. فعليه تُركيا في حالة المضي قُدماً نحو تطبيع علاقاتها مع أرمينيا يجب عليها وضع روسيا في حساباتها الاستراتيجيّة قبل التفكير ميلاً في وضع جميع بيضاتها التطبيعيّة في السلة الأمريكيّة والأوروبيّة. وعلى تُركيا أن لا تنسى التحالف الأرميني مع اليونان وشطر القبرص اليوناني ضد التحالف التُركي مع أذربيجان وشطر القبرص التُركي. وادعاء بعض الأطراف الأرمينيّة حقهم التاريخي في أراضي قره باغ ومنعهم فتح طريق زنكازور التي ستربط تُركيا بالدول الناطقة بالتُركيّة على حساب الأراضي الإيرانيّة. تُركيا في حالة تطبيع علاقاتها مع أرمينيا والاقدام على فتح حُدودها البريّة والتجاريّة دون إيجاد حلول جذريّة للمشاكل التي ذكرناها سلفاً أو لم نذكُرها ستؤدي بلا أدنى شك إلى إعلان النصر من الجانب الأرميني. تُركيا تستطيع فتح حدودها مع الجانب الأرميني في حالة قيام الأخيرة بخطوات جادة لحل المشاكل العالقة بين البلدين وعقدها اتفاقيّة صلحٍ نهايّة مع الجانب الأذربيجاني وبوساطة روسيّة. لأن أي مُشكلة ستعيشها تُركيا مع أذربيجان – تركيا تدّعي بإن عمليّة التطبيع تسير بالتشاور مع القيادة الاذربيجانيّة- ستكون لها نتائج عكسيّة وفُرصة للتحالفات أرمينيّة جديدة وزعزعة لاستقرار قفقاسيا وإيران وروسيا وتقويض للعلاقات التُركيّة الروسيّة. (جمهوريت، 18 كانون الأول، 2021).