الحديث عن الملفات الهامة والأهم _ وما أكثرها وما اعقدها_ يضع ملف الخدمات في “خانة” ملفات الامن والأستقرار والسيادة واعادة البناء والاعمار كونه يمثل الشغل الشاغل للمواطن وخط التماس المباشر في حياته اليومية والذي يحتم على الحكومة الاسراع في انجازه كدليل على تحقيقها لنجاحات ملموسة وتجنبا للسقوط في دوامة السخط الشعبي والنفور الجماهيري الذي قد يؤدي الى عزلتها وفشلها اذا ما وضعت في حساباتها ان العراق يعيش عصر الديمقراطية ومراحل تبادل السلطة وان الجماهير هي السبب في وجود صناديق الاقتراع التي توصل الحكام الى سدة الحكم.
والويل لمن لم تكن الجماهير رصيده. واذا كان لتداعيات الارهاب وعمليات العنف المتبادل، والفساد الاداري والمالي اثرها في عرقلة وتعطيل معظم المشاريع الخدمية فهذا لا يعني بقاء الحال على ماهو علية من ترد وانعدام لابسط مقومات الحياة الاساسية لا بل انحدار من سيء الى اسوأ.
خاصة وان مساحة الاستقرار الامني آخذة بالاتساع والحركة الاقتصادية تسجل تصاعدا ملحوظا ظهر جليا في التقارير الاخيرة للصندوق الدولي والتي اثبتت نموا اقتصاديا في العراق بنسبة 7 % لهذا العام وتتوقع تصاعدا وتناميا كبيرا في الشهور والاعوام المقبلة كما ان الميزانية العمومية لهذا العام قد تجاوزت الـ ” 174مائة واربع وسبعين ترليون و649ستمائة وتسعة واربعين مليار دينار ” ومثل هذه المؤشرات الايجابية تلغي جميع الاعذار والحجج الواهية وتشطب وتحطم الشماعات التي يعلق عليها بعض المسؤولين في الوزارات والمؤسسات فشلهم وتلكؤهم في انجاز المشاريع الخدمية الضرورية متغافلين عن ترهلهم وعدم جديتهم في الاخلاص في العمل. والا ما الذي يحول دون انشاء محطات غازية مركزية لانتاج الطاقة الكهربائية لا يتطلب نصبها الا بضعة شهور؟!
ولماذا والى متى تظل بغداد العاصمة اسيرة “امبيرات” تأتي من محطات الجنوب وبيجي “عبر القارات” متعرضة لاعمال التخريب والقطع وتحطيم الابراج الناقلة فتتوقف بسببها الحياة اليومية وتصاب كل الاعمال بشلل تام؟!
والى متى تستمر الوزارات ومجالس المحافظات بارجاع مليارات الدولارات المخصصة للمشاريع سنويا والتخوف والتهيب وعدم القدرة على انجاز مشروع خدمي او اقتصادي بارز؟! ونحن نقترب من العام الحادي عشر للتغير لم يلمس المواطن غير اعادة الارصفة وتسييج بعض الحدائق وجهود متواضعة لامانة بغداد ومع شدة تواضعها لم تسجل الوزارات والمحافظات ما يشير الى منجز خفف جزءا يسيرا من معاناة المواطن المكدود.
واذا كانت مشكلة ضعف وتباطؤ التنمية والاعمار في بعض الدول تكمن في عدم وجود الاموال والموارد الاقتصادية فمشكلة العراق هي كيفية التصرف في موارده الاقتصادية وكيفية الانفاق المبرمج للاموال!.
ميزانية العراق لهذا العام خرافية وباستقرار الاوضاع والمصادقة على قانون النفط، وقيام الاستثمارات في العراق سيتضاعف هذا الرقم اضعافا مضاعفة في حين تبلغ ميزانية بعض دول الجوار “4 اربعة مليارات” دولار و “11 احد عشر مليار” دولار والفرق شاسع في المستويات المعيشية والخدمية التي يعيشها الاشقاء في تلكما الدولتين الشقيقتين اذا ما قورنت مع معاناة المواطن العراقي وتدني مستويات حياته المعيشية والخدمية.