23 ديسمبر، 2024 3:23 م

تخبط الحكومة العراقية سببا في نزيف العراق‎

تخبط الحكومة العراقية سببا في نزيف العراق‎

الملاحظ للمشهد السياسي والعسكري العراقي يجده مشهد متخبط لم يعد بصورة صحيحة من قبل القيادات السياسية والعسكرية , فهو يفتقر للإعداد والتخطيط المنظم والمتقن, بل يعتمد على تكرار الأساليب والأفكار ذاتها, بل نجد إن تلك القيادات لم تستفد من الأخطاء التي وقعت فيها, بل تكرر الخطأ ذاته وتخطأ حتى في الخطأ ؟؟!!.

وعلى سبيل المثال ما تقوم به الحكومة العراقية الآن وبحسب ما نقلته وكالات الأنباء من وجود تنسيق بين بغداد وأربيل حول تشكيل غرفة عمليات لتحرير الموصل!! فهل يوجد عاقل يقوم بهكذا أمر ؟ هل يوجد سياسي أو قائد عسكري محنك أو على الأقل صاحب خبرة بسيطة يقوم بهكذا فعل ؟ الم يلاحظوا إن القوة العسكرية العراقية الآن وبما يساندها من حشد وقوات إيرانية مشتتة في أكثر من جبهة, فهناك جبهات متعددة في محافظة صلاح الدين, وأخرى في محافظة الانبار, وغيرها في ديالى, والآن يريدون فتح جبهة في الموصل ؟؟!! وهذا هو التخبط الحقيقي وسوء التخطيط الذي تتمتع به الحكومة العراقية.

وأساس هذا التخبط قائم على احتمالين وهما :

الأول : أن اصل المشكلة العراقية وتفاقمها في البداية هي مسالة الموصل فكان الانسحاب منها هو لغرض توسيع رقعة الحرب لتشمل العراق أي نقل الحرب من سوريا إلى العراق لان الإيرانيين اعتقدوا إن بسقوط الموصل سوف تسارع أمريكا لإنهاء الملف السوري عبر ضرب المعارضة لصالح بشار ولملمة الوضع في العراق, ولكن هذا خطا استراتيجي وقع فيه الإيرانيون وأذنابهم فأمريكا فهمت الفكرة ولعبتها ” صح”  و تركتهم في حالهم وعملت العكس تماما, وبشكل مختصر إن إيران ومن يمثلها يريدون توسيع رقعة الحرب لتشمل الموصل لضمان التدخل الأمريكي وبشكل أوسع وأسرع لصالحهم وهذا هو عين التخبط.

الثاني : إن هذه الخطوة تدل وبشكل واضح على إن الحكومة العراقية تبحث عن نصر إعلامي جديد في مناطق أخرى, فبعد إن صورت إعلاميا إنها حققت نصر في ديالى وصلاح الدين وتحرز تقدم في الانبار, فهي تبحث الآن عن نصر أخر في الموصل يعزز ثقة الشارع المهزوزة بها, لذلك توجهت إلى إقليم كوردستان من اجل الحصول على هذا النصر الإعلامي في الموصل, وهذا تخبط لا يوجد له مثيل. 

وهذا إن دل على شيء فانه يدل على أن الحكومة العراقية هي من تريد أن تكون الحرب على داعش حرب طويلة الأمد – طبعا من غير قصد – , فلو كانت صادقة في مسعاها لتحرير العراق من داعش لكان حري بها أن تنظم مجهودها وقوتها في مواجهة داعش بشكل متسلسل ومرحلي, وليس بشكل عشوائي كما هو عليه الآن, فالعشوائية في محاربة داعش جعلت العراق يستنزف الكثير من حيث الأموال والأرواح والمعدات, جعلت العراق ينزف أموال طائلة ودماء كثيرة من الأبرياء ومن المغرر بهم في خوض معارك خاسرة كما يقول المرجع الديني العراقي السيد الصرخي الحسني في جوابه على استفتاء رفع له بخصوص معارك تكريت بتاريخ 6/ 4 / 2015م بعنوان ” تكريت وإيران هزيمة أو هزيمتان ”  حيث قال سماحته …

{ … المؤسف والمؤلم إن الخسارة الكبرى وقعت وتقع على المغرر بهم من أبنائنا العراقيين الذين صاروا حطب ووقود نار طائفية مفتعلة، فالمعارك كانت ولا تزال خاسرة وستبقى خاسرة مادامت نفس الوسائل والمخططات والأفكار والقيادات موجودة ومادام المنهج هو نفس المنهج الطائفي العنصري التكفيري…}.

فلو كانت الحرب على تنظيم داعش حرب تقوم على أساس التخطيط الجيد والتفكير النابع من عقلية عسكرية فعلية لما حصل ما حل من خسائر كبيرة, ولو كانت الحرب على داعش حرب منتظمة وقائمة على أساس المرحلية والترتيب والتسلسل لساعد في تقليل الخسائر التي يتعرض لها العراق حكومة وشعبا هذا من جهة و من جهة وكذلك يسهل على القوات العراقية مسالة مسك الأرض التي سرعان ما يفقدها الجيش بسبب تشتت قواته في الكثير من الجبهات, ويأتي الآن العبيدي يريد أن يفتح جبهة أخرى لكي تكون الخسائر في الأموال والأرواح والمعدات أكثر واكبر, وان وقع هذا الآمر فالإنكار موجود كما تعامل مع مجزرة الثرثار.