18 ديسمبر، 2024 9:10 م

تخافون علينا .. ام تخافون منا ..؟

تخافون علينا .. ام تخافون منا ..؟

ما قدمته اللجنة العليا للصحة والسلامة الوطنية من جهود خيرية.. ومقارنة لما يجري في الدول المجاورة ، ودول العالم التي انتشر فيها وباء كورونا بشكل سريع ومخيف ..لا ترتقي ابدا الى المستويات المقبولة ، لانها ظلت متواضعة في عملها ، و متهافتة في بياناتها . ومتلكئة في مسيرتها ، و لم تكن موفقة في خططها .. بسبب غياب الرؤية الواضحة ، وتردي المنظومة الصحية البائسة .. مع اعترافنا بالجميل ، وتقديرنا لجهود اطبائنا ، و جميع الطواقم الصحية العاملة في مستشفياتنا .

انتشار الوباء.. اي وباء / يعني ازدياد في عدد الوفيات ، ويعني تعطيل الحياة العامة ، وشلل في النشاط الاقتصادي ، وتهميش النشاط الاجتماعي ، و غياب النشاط الثقافي .. والانكى من هذا وذاك ، التوظيف السياسي لهذا الوباء الفتاك .
ما اسهل .. ان نرفع شعار (خليك بالبيت) وليس مهما ، ان يكون البيت كبيرا ، ام صغيرا ، قصرا ام صريفة .. فبيوت التنك في حي طارق ، ليست مثل قصور الجادرية ، وبعض بيوت الفقراء لا تتجاوز الخمسين مترا ، ويسكن في داخلها العشرات .. و قصور المنطقة الخضراء الباذخة الفارهة ، لا تستخدم الا للاجتماعات والاستحقاقات .

ثم .. لماذا تميل الحكومات ، و في كل العهود والسياسات ، للاجراءات القمعية ، ولماذا ظلت روح الانتقام ، تعشعش في عقل السلطة السياسية .. من انقلاب ١٤ تموز الى الانقلابات الفوضوية ، فما اسهل من عسكرة المجتمع ، واستخدام ادوات العنف والتعسف ، بدلا من خيارات اللين والتلطف .

جميع البيانات ، والارشادات ، التي تصدر عن وزارة الصحة ، ومعظم اجراءات التمديد .. لا تحمل معها املا ، ولا ودا ، ولا تبديلا ، كلها ( لطمية بلطمية ) و تشديد في تشديد ، و وعيد في وعيد ، وكأن الشعب العراقي هو الذي جاء بالوباء ، وليس الصين الشعبية ، و كأن مدينة ووهان ، هي الحبيبية .. وروح القمع ، والاستهانة ظلت موجودة ، وطرق الامل والانفتاح باتت مسدودة .. بينما اصحاب الباجات الخاصة ، و عناصر الاحزاب الصاكة .. تسرح ، وتمرح في الشوارع المفتوحة.

ولو راقبنا .. اي سيطرة ، لوجدنا عدم الجدية في تنفيذ واجباتها ، والتمييز بين من يسمح له بالمرور ، ومن لا يسمح له ، ومن يحمل بطاقة تجيز له التجوال ، ومن يستقل سيارة مضللة ، ويتصل بالهاتف الجوال .. فحالات المزاج ولقب الحاج ، و لون الباج ، كثرت ، وتعددت ، وتمردت على السيطرات ، و زادت من الازمات .. والمواطن ووسط هذه الفوضى ، خرج هو الاخر ، ضاربا عرض الحائط ، التقيد بالتعليمات ، ولانه وببساطة قد شبع من الخوف والتمرد ، والاهمال والتردد ، بعد ان فقد الثقة بمن يدير البلاد ، وبمن يتحكم بمصير العباد .

خلاصة القول.. ان اللجنة العليا للصحة والسلامة الوطنية ( حنديرية) التوجه في اجراءاتها ، احادية النظرة في تفكيرها وخططها .. فهي تعالج مشاكل الخروج الى الشوارع ، و تتجاهل ما يحدث في البيوت من فواجع .. فالامراض النفسية استوطنت ، وحالات العنف استبدت ، والمشاكل العائلية زادت .. حتى وصلت لحدود القتل والحرق والانتحار .. وفاتها تاكيد صندوق الامم المتحدة للسكان في العراق .. الذي حذر من ازدياد حالات التوتر و العنف الاسري داخل المنازل ، بسبب الضغط النفسي ، وغياب الحلول العلمية لانهاء الازمة ، والبدء بالانفراج التدريجي .. املا بتجنب حالات العصيان ، وسيتجاهل المواطنون مستقبلا ، كل حضر شامل ، وهذا ما حصل ، وسيحصل في ارجاء البلاد .. واولها كان امس الاول في الديوانية.. ضد الحكومة المحلية التي استفزت العباد.

ان كنتم تخافون علينا حقا .. فانتبهوا الى ما يحدث في البيوت ، فلا تحاربوا رزق الناس في تمديد جائر و مرير ، ولا تدمروا نفسية شعب ، ذاق الحصار ، والعوز ، والتهجير .
ان عدد الذين يموتون قهرا او جوعا بالحجر المنزلي ، هم اكثر بكثير من الذين يموتون بمستشفيات الحجر الصحي .. وكل ما فقدناه من ارواح بريئة ، بسبب تباطؤ في ادارة الازمة ، وعدم فعالية النظام الصحي ، لم يتجاوز المئتين فقيد .. فماذا ستفعلون بالعراقيين
لو ان الاعداد تخطت الالاف ، لا سامح الله .. فالموازنة مطلوب ، والمعالجة محسوبة .

ما نشاهده في مدن العالم .. وعلى الرغم من استمرار الاصابات ، انها قد نوعت في اساليبها و خططها ، و غيرت من اجراءاتها ، وخففت من شروطها ، تماشيا مع تحسن الحال ، و ارضاء واحتراما لشعوبها .. فبدأت جميعها ، بانفتاح تدريجي ، مع التقيد بالاجراءات الاحترازية ، الى ان نجحت بجعل مواطينيها يتفاءلون بامل المغادرة من كارثة كورونا .. هذا ما يحدث الان في الكويت والسعودية التي سمحت بالرحلات الداخلية ، وايران التي اتاحت الصلاة في اماكن العبادات .. وفي فرنسا ، وايطاليا ، و الولايات الامريكية .. عادت المدارس ، وفتحت المقاهي وا لمطاعم .. فلماذا انتم تقطعون عنا شريان الامل والنجاة ، وكاننا لا نستحق العيش في هذه الحياة ..؟

اما خوفكم من تجدد المظاهرات .. فهي آتية لا ريب فيها ، فلا الاوبئة توقفها .. ولا مزاج السلطة وامراضها تمنعها .. فلا تجعلوا من انتشار الوباء حجة للتغطية على الازمات السياسية والاقتصادية . وما عليكم الا الخوف من الشعب يوما ..كي لا تخافوا منه دهرا ..