نظراً لتكاثر ونمو عدد كبير من يحسب نفسه على الوطن الحر وتأثيره السلبي على مجمل الواقع السياسي في العراق وعدم حملهم الأمانة والواجب التي كلفوا بها وعدم شعورهم بالمسؤولية وقيام عدد كبير من الطارئين على العمل القيادي وانقيادهم واستعبادهم من إطراف حزبية وسياسية وكتلويه وطائفية أدى إلى فقدانهم الاستقلالية في نقل حال البلد التي يمر بها وطننا العزيز بشكل جاد وحرفية ومهنية عالية وحدوث ثغرة في منظومة العمل الوطني سببته بطبيعة الحال من تأزم العلاقة بين الكتل السياسية والعاملين في هذا الحقل وبين المواطن الذي أخذ ينظر بشك وارتياب وعدم احترام العاملين في هذا الميدان الكبير واستبدال وتواطؤ ملحوظ مع الأجندات التي تحملها هذه الأطراف ولا تريد لبلدنا الغالي إلا الدمار والخراب . حكومة بغداد تعكس حالة العزلة التي تعيشها اليوم ، والإخفاقات المتوالية التي تواجهها ، محنة هذا البلد في أوضح صورها ، والحاضر البائس الذي يعيشه والمستقبل الغامض الذي ينتظره . الإجماع الوحيد الذي يوحد العراقيين على مختلف طوائفهم وأعراقهم ومذاهبهم . العراقيين اليوم لا يصدقوا بأكذوبة الديمقراطية الأمريكية لما جرته عليهم من مصائب وكوارث وتطهير عرقي ومئات آلاف الشهداء وملايين الجرحى وكانت حصيلة الشهر الفائت من المواطنين الابرياء حسب تقارير الامم المتحدة اكثر من تسعة الاف شهيد . ان من يردد إيمانه بالديمــقراطية ، ويتغنى بفضائلها ، مثلما هو حال دولة رئيس الوزراء العراقي ، ولكن الأخير متشبث بموقعه ، ويرفض مغادرته ، حتى لو بقي لوحده في الحكومة . دولة رئيس الوزراء العراقي بالأمس خاطب المجتمع العراقي بزيادة عدد المحافظات العراقي حسب القومية والدين والطائفة والمذهب وراح عدد من النواب يقدمون طلبات الى معالي دولة رئيس الوزراء بجعل كل دار في العراق مقاطعة . ينسي السيد المالكي أن العراق بلد خاضع للاحتلال الإيراني ، ممزق الأوصال يعيش فوضي دموية ويقف أبناؤه اليوم خارج المدن بسب العمليات العسكرية في مدن الانبار بطريقه جديدة هي التهجير الحضاري الحديث . نعم العراق تحول إلى ضيعة من ضليعات ايران ، بفضل سياسيين عراقيين من أمثاله تعاونوا مع مشاريع احتلال بلادهم للإطاحة بالنظام السابق ، لإشفاء غليلهم الشخصي ، وعندما وصلوا إلى الحكم قدموا البديل المرعب الذي نراه حاليا ، لأنهم تصرفوا انطلاقا من أحقادهم الطائفية ، ونزعـــتهم الدموية الانتـــقامية وفشــــلوا في أن يكونوا حكاما للعراق الواحـــد المتعــايش ، وهم الذين رفعـــوا راية الدعــوة الإسلامية عــندما كانوا يطالبون بالمساواة والتسامح إثناء منفاهم في دول الجوار . ان رضوخ السيد المالكي الذي أعلن عنه مؤخرا لبعض شروط ومطالب خصومه برفع الحظر عن توظيف البعثيين في الحكومة أو تجنيدهم أو إعادة الضباط السابقين إلى الجيش ، بعد تصاعد الضغوط الأمريكية عليه ، هو تأكيد على عدم استقلال قراره أولا ، وخطأ السياسات التي تبناها ، هو ، ومن سبقه ، وعلى رأسها قرار اجتثاث البعث . وحتى انتقادات السيد المالكي للجيش الأمريكي وعملياته العسكرية الدموية التي أودت بحياة المئات من الأبرياء في المدن العراقية ، جاءت أيضا من منطلقات طائفية ومذهبية ، لان السيد المالكي لم يوجه هذه الانتقادات للأمريكيين وقواتهم ومجازرهم عندما كانت تستهدف المدنيين . العراق ظل عزيزا سيدا مهابا عندما كان يحكمه الغيورون علي هويته العربية الإسلامية ، المدافعون عن كرامته الوطنية ، ولم يتحول إلى هذه الصورة المحزنة المؤلمة ألا بعد أن حكمه الطائفيون المتواطئون مع الغزاة المحتلين. نذكّر السيد المالكي وجميع اقرأنه باحتفالات دخول الدبابات الأمريكية عاصمة السلام بغداد الحبيبة ، وقرار مجلس الحكم باعتبار يوم سقوط بغداد عيدا وطنيا يستحق الاحتفال ، لأنه يؤرخ لمرحلة التحرير المجيدة . هزيمة المحررين الأمريكان ، وانسحاب القوات الغازية ، وتزايد المطالبات بانسحاب قوات السفارة الأمريكية تأكيد على أن الهزيمة قد تحققت ، وان البقاء بات مستحيلا. الرئيس الامريكي الاسبق بوش الابن قارن بين احتلال العراق وفيتنام ، وقال انه لن يسحب قواته من العراق حتى لا يتكرر ما حدث في فيتنام بعد انسحاب مماثل ، مستخلصا الدروس الخطأ التي جعلته موضع سخرية المؤرخين بفعل جهله. ولكن الدرس الذي يجب أن يستخلصه السيد المالكي وكل الذين دخلوا العراق مع الاحتلال ، هو أن يستذكروا دروس زملائهم الفيتناميين الذين تعاونوا مع المحتلين الأمريكيين السيد المالكي لا يحب أن يعتذر وزملاؤه للشعب العراقي عن المستنقع الدموي الذي أغرقوه فيه فقط ، وإنما أن يقدموا جميعا إلى المحاكمة ، لأنهم يشتركون مع الغزاة والمحتلين الأمريكان ، في مسؤولية استشهاد مليوني عراقي وتشريد خمسة ملايين آخرين وكان أخر فصول المهازل قتل وتهجير اهل الانبار من بيوتهم العامرة ، علاوة على كل المآسي الأخرى التي تحل بالعراقيين حاليا . لان الجرائم التي ارتكبوها تتواضع إمامها خجلا جرائم النظام العراقي السابق . والسؤال يطرح نفسه على الساحة العراقية . انتم وحدكم تتحملون هذا الأمر ليس الشعب .