23 ديسمبر، 2024 4:16 م

تحليل المعركة               

تحليل المعركة               

عندما كنت برتبة ملازم اول في اللواء المدرع العاشر الذي دمر 127 دبابة/مدرعة من الفرقة الذهبية الايرانية في ملحمة الخفاجية الاولى بيوم ونصف..وكنت طالبا في كلية القانون بجامعة بغداد..صدرت خطة لادخال ضباط (الجيش العراقي)…لاحظوا هيبة العنوان وقارنوه بعنوان( القوات الامنية )..الى الكليات المدنية..فوجئت بعد فترة ان قوائم القبول قد صدرت ..دخلت بهو وحدتي واتصلت بالرقم 31464 المعروف للكثيرين بأنه الرقم المباشر للرئيس صدام حسين ..اجابني تفضل صدام حسين..قدمت رتبتي واسمي الثلاثي..اجاب حياك الله..رجوته ان يتم قبولي في التعليم العالي..اجاب ((شفطنك هسة وامتحانات نص السنة على الابواب)) اجبت..آسف سيدي كنتم مشغولون بمؤتمر قمة بغداد ولم أريد اشغال سيادتكم..سألني اي كلية اريد ..اجبته التأريخ..اجاب التاريخ لا يصلح للقوات المسلحة..اجبته أن التاريخ هو المصدر الوحيد للعلم العسكري الذي نتج عن تجارب الحروب وتحليلات المعارك ..اجاب هذا قرار متخذ وليس مقترحا لتناقشه..احترمت نفسي وقلت له..طيب سيدي اريد اللغة الانكليزية..اجاب مبارك..حرت ما معنى مبارك وأين اراجع..بعد يومين وردني كتاب رسمي الى الفوج يقول ..تنسب قبول فلان في كلية الاداب فرع اللغة الانكليزية موجه الى وزارة التعليم العالي ونسخة منه الى المستنصرية ونسخة منه لياطلب المعذرة عن اقحام هذه الرواية تحت عنوان تحليل المعركة وأستل منها قولي ان التاريخ هو المصدر الاساس للعلم العسكري الذي نتج عن تجارب الحوب وتحليلات المعارك..وأسأل..كيف؟؟اتصل بي احد القادة السابقين اليوم وطلب مني التعاون لاصدار مذكراته العسكرية عن المعارك التي خاضها..سألته ..كيف تتذكر كل تلك المعارك؟؟اجاب انه محتفض بكل تحاليل المعارك التي خاضهاكان سجل الحوادث الشهير سجل يوثق به سير المعركة بالدقائق وعلى اساسه تعقد مؤتمرات لتحليل المعركة في كل المستويات نزولا حتى مستوى الفوج لمناقشة تحليل المعركة وتعديله وهو يتضمن وصفا للارض وقوات الطرفين ، وسير المعركة ودور كل عناصر المعركة فيها والسلبيات والايجابيات ومن ثم الدروس المستنبطة بعدها  التوصيات وعلى اساسها يحاسب القادة او يكرمون ولم يكن الامر يحتاج الى لجنة من 26 نائبا لتحقق ستة اشهر عن ضياع نصف العراق ويكون مصير تقريرها الرفوف والاتربةفي معركة فوكلاند وبعد ان احتلت بريطانيا جزر الفوكلاند بنجاح ساحق وبأيام معدودات لم يدبكوا ولم يهزجوا بل جلست الدولة كلها بمؤتمر واحد لتحليل المعركة ورغم انهم حققوا نصرا تأريخيا الا ان ذلك لم يمنعهم من التصايح بينهم على اخطاء بسيطة حصلت هنا وهناك وحتى في اعلامهم الحربي والاعلام العام خلال الايام القلائل للمعركةننتقل الى همومنا العراقية ونقول كيف ستحلل قواتنا المسلحة معركة الفلوجة وكنا في المعارك نحتاج الى سجلين او ثلاثة يوميا على اقل تقدير ، كيف تحلل معركة الفلوجة التي طالت اكثر من 700 يوم وتحتاج الى 2000 سجل حوادث؟؟ وماذا سيكتبون تحت فقرة (سير المعركة) وما الذي تحقق في اليوم الفلاني والشهر الفلاني؟؟ وكم مترا تقدمت القطعات ؟؟ وكم جثة لداعش دفنوا وكم اسيرا منهم ؟؟ اما فقرة تضحياتنا فيمكن الاستعانة ب (المغيسل) لنعرف كم شابا فقد العراق دون تحقيق النفوذ الى المدينة ، وكذلك يمكن الاستعانة بمستشفى الفلوجة التعليمي ليقولون لنا ان (حاضنة داعش؟؟) كانت تضحياتها قد وصلت الى اكثر من تسعة آلاف مدنيا من النساء والشيوخ والاطفال يضاف اليهم عائلتين انتحترتا من الجوع مؤخرا وأن ثقافة الانتحار قد تسود هناك على اثر ما يجري من مجازر دون نتائج وبلا نهاية في الافق..اما البنية التحتية المدمرة من النفوس التي فقدت الثقة حتى بالوطن ومن الابنية المدمرة فيمكن حصرها على غرار تحليل المعركة لاستعادة مدينة الرمادي وهي 80% منها مستشفيات كثيرة بينها مستشفى الرازي ذو الطوابق الاربعة واحدث الاجهزة الطبية التي ازالتها الطائرات تماما لوجود داعشي واحد على سطحها ويبدو ان واضعي الخطط قد اخذو حسابات الكلفة والتأثير في الحسبان عند ازالتهم المستشفى بطوابقها واجهزتها.الفقرة الاخيرة في تحليل المعركة هي الدروس المستنبطة ، وبتقديري المتواضع فأن هناك درسين فقط وهما : أما ان الله امد  داعش (( بألف من الملائكة مردفين)) وهذا مستحيل ،  أوان جيشنا لا يقاتل بل يقصف فقط وهنا تكمن مهمتنا الوطنية التأريخية .قد يفيد ما قلته في بحث لي في ندوة علمية برعاية السيد رئيس الجمهورية عام 1987 عن اسباب التسرب في المعارك(( كيف نطلب من الجندي ان يقاتل وهو يتلفت في الموضع الدفاعي فلا يجد فيه صاحب بار او صاحب معرض لبيع السيارات )) ((ما هو شعور الجندي عندما يفترش الارض في كراج النهضة ليدفع نصف راتبه للوصول الى الجبهة بينما التلفزيون يعلن ان سعربطاقة حضور حفل رأس السنة في الفندق الفلاني لسيد وسيدة هو 80 دينارا)) والجندي اليوم يسمع ان هناك صفقة فساد لشراء (حامض حلو) ب 28 مليون دولاركما ذكرت البغدادية اليوم .. وأن فلانا سرق كذا مليار من الدولارات وفلانا كذا؟؟اتقوا الله في اهلكم  وفي جيشكم ونوصيكم بوقفة..فقط وقفة… لتراجعوا… بعدها سننتصر… عدا ذلك قد ننتصر بعد تدمير الموصل وأهلها وبآلاف من التضحيات في (القوات الامنية) وسنستدين الكثير حتى لا نجد من نستدين منه..او لاننتصر وتبقى داعش شماعة ملائمة لنعلق عليها فشلنا التام الى حين