22 نوفمبر، 2024 8:07 م
Search
Close this search box.

تحليلات وتصورات وتوازنات لما يمكن ان يحدث بين السيد الصدر وتنسيقية المقاومة

تحليلات وتصورات وتوازنات لما يمكن ان يحدث بين السيد الصدر وتنسيقية المقاومة

يسير المشهد السياسي الحالي في طريقين، الأول بانتظار حسم الطعون على الاتهامات بتزوير الانتخابات أمام المحكمة الاتحادية العليا، والآخر سياسي متمثل بالحوارات واللقاءات المباشرة التي تعدّ الاولى من نوعها منذ مدة ليست بالقليلة.

وافاد مصدر قضائي، الأحد الماضي، بأن المحكمة الاتحادية قررت تأجيل النظر بالدعوى المقدمة من رئيس تحالف الفتح بإلغاء نتائج الانتخابات الى 13 من شهر كانون الأول الجاري.

و إن قرار المحكمة الاتحادية العليا تأجيل النظر في الطعن المقدم من زعيم تحالف الفتح هادي العامري يعني تأجيل المصادقة على نتائج الانتخابات إلى ما بعد حسم هذه الدعوى والدعاوى الأخرى المقامة أمام المحكمة الاتحادية.

ذكرت مصادر مقرّبة من التيار الصدري، أن الأمور باتت مهيأة لتسلم التيار الحكومة أكثر من أي وقت مضى، مشيرا الى ان اللقاءات مع الاطار التنسيقي ليست بهدف تقديم التنازلات، بل من أجل ايصال رسائل إليه بأننا لسنا مع تشتت المكون، لكننا نريد أن نشكل اغلبية وطنية تتجاوز الطائفية.

وتفيد تحليلات بأن التيار الصدري ورغم قربه من تشكيل الحكومة، فأن تحالفه مع قوى سنية وكردية لا يكفي لتمرير مشروعه بالاغلبية في مجلس النواب، بل يحتاج إلى داعمين من داخل الاطار التنسيقي.

وإن قسماً من قوى الإطار التنسيقي قد يتفقون مع ما طرحه الصدر، ويشكلون معه الأغلبية، وهذا الخيار يعدّ الأقرب للواقع الحالي)، مشددا على أن الأغلبية التي يطمح إليها الصدر لن تتحقق بمجرد التحالف مع قائمة تقدم بزعامة محمد الحلبوسي والحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني.

وتبرز حاجة السيد الصدر لداعمين من داخل الإطار التنسيقي، إضافة إلى المستقلين، موضحاً، أن (الحكومة لن تمر إلا بموافقة ما لا يقل عن 166 نائباً).

 

ينبغي التأكيد هنا بأن من الصعوبة بمكان تشكيل كتلة ذات أغلبية شيعية من دون التيار الصدري اذ ان تحالف الفائزين من المستقلين والكتل السياسية الأخرى معا شبه مستحيل وعليه فان تشكيل الأغلبية الشيعية في يد التيار الصدري بشكل او بآخر.

علما ان الأغلبية الشيعية وحكومة الأغلبية مفهومان مختلفان تماما، فالأولى تعني اغلبية الشيعة الممثلين في الحكومة وهم نواة هذه الحكومة والقوة السياسية التي تشكلها، اما حكومة الأغلبية فتعني حكومة أغلبية القوى الفائزة في الانتخابات من الشيعة والسنة والكورد. ولا يوجد عارض ان يمثل الشيعة أي من الأغلبيات التي اشرنا اليها آنفا.

في نفس الوقت، ان حكومة الأغلبية تعني ذهاب بعض القوى السياسية الى المعارضة، وقد أعلنت مجموعة قوى سياسية منها تحالف دولة القوى الوطنية وحركة امتداد والجيل الجديد والأحزاب الإسلامية الكوردستانية ومجموعة من المستقلين الفائزين بانهم لن يشاركوا في أي حكومة ولن يكونوا جزء من الكتلة الأكبر، فيما سيتم اقصاء بعض الكتل السياسية التي تود المشاركة لكن القوى الفائزة سوف ترفض مشاركتها وقد يشهد البرلمان القادم تشكيل معارضة سياسية.

لذا يجب المضي بتشكيل حكومة الأغلبية ولكن بتوافق جزئي وليس توافق كلي وهذا التوافق الجزئي سوف يخلق برلمان مؤيد للحكومة يتكون بحدود 200 – 230 نائباً ومعارضة يتراوح قوامها بين 80 – 100 نائب.

 

ماراثون مفاوضات تشكيل الحكومة لم يبدء مبكراً داخل أروقة الحوار السياسي بعد اعلان النتائج الاولية حتى في إطار ما يوصف بمرحلة التمهيد وجس النبض، كون جميع القوى الفائزة تنتظر اعلان النتائج النهائية ومصادقة المحكمة الاتحادية، ولحين ذلك الوقت، لن تتشكل تحالفات فعلية بين أي من الكتل السياسية.

افاد مصدر مطلع بان القوى السياسية المعترضة على نتائج الانتخابات حصلت على وعود من جهات ذات العلاقة بانه سيكون هناك إعادة نظر في الطعون وقد تحصل بعض التغييرات في النتائج بسبب هذه الطعون، وعليه فانها لحد اللحظة بانتظار حسم ملف الطعون الانتخابية. ولا يخفى ان البعض منها يعقد امالا بازدياد عدد مقاعده على حساب بعض الفائزين وخاصة المستقلين.

فيما تنتظر القوى الفائزة اعلان النتائج النهائية لعبور مرحلة التمهيد والدخول في المفاوضات الجدية لرسم خارطة طريق تشكيل الحكومة وتوزيع المناصب. بمعنى اخر يبقى الجمود السياسي سيد المشهد ولن يتغير الا بعد اعلان النتائج الذي سيكون إيذانا بدخول مرحلة الحوار الجدي والمختصر لتشكيل الكتلة الأكبر والمضي بانعقاد جلسة مجلس النواب وانتخاب رئيس المجلس ونوابه ومن ثم انتخاب رئيس الجمهورية وتكليف رئيس مجلس الوزراء وتوزيع الوزارات بين الكتل الفائزة.

كسر زعيم التيار الصدري السياق المتبع في مفاوضات كتلته مع الشركاء بمشاركته شخصيا في التفاوض مع الكتل السياسية، وهذا يعني بأنه يريد حسم الموضوع بشكل سريع سواء بإنضمام الشركاء الشيعة او عدمه، ذلك أن التيار لديه قناعة بإمكانية تشكيل الكتلة الأكبر شيعيا وعراقيا بمعزل عن بقية بعض أطراف المكون الشيعي كونهم لايمتلكون العدد المطلوب لتشكيل الكتلة الأكبر.

الا ان حراك الكتلة الصدرية تشوبه الغموض والخمول مقارنتا بحجم المسؤولية الملقاة على عاتقهم، وهناك مؤشرات غير إيجابية على حراك التيار، اذ انسحب الوفد المفاوض للتيار الصدري من اللقاءات الرسمية مع الكتل والشخصيات الفاعلة على الساحة السياسية، في الوقت الذي يجب عليهم تكثيف الجهود والاتصالات مع هذه الكتل والشخصيات لتطمينهم من جانب وضمان بقاءهم على خط التواصل بشكل دائم من جانب اخر.

في ذات الوقت اجرى زعيم التيار تغييرات كبيرة في الهيئة السياسية والوفد المفاوض في أكثر الأوقات حساسية، وتسليم زمام الأمور لشخصيات قيادية مقربة منه برغم كونهم بعيدين وحتى وقت قريب من التواصل أو حتى الإقتراب من الكتل السياسية، ونال هذه التغيرات استغراب المراقبين والشركاء السياسيين ويعتقد البعض منهم بانه من الممكن ان يؤدي التغيير الى فتور في العلاقات او برود في التعامل لحين التعرف على الفريق الجديد، اذ ان معظم القوى السياسية لا تعرف القيادات الجديدة ولا تعرف اسلوبهم في العمل عن قرب بالرغم من وجود رئيس الهيئة السياسية السابق ضمن الفريق الجديد.

ان المسؤولية الكبرى تقع على عاتق التيار الصدري في بدء الحراك نحو تشكيل الكتلة الأكبر والمضي الى انقاذ العملية السياسية وسط مخاوف القوى الأخرى من تسيد التيار للمشهد السياسي لذلك يتوجب على التيار تقديم التطمينات اللازمة للشركاء السياسيين بكل ما يتعلق بالمرحلة القادمة وكيفية ادارتها الى جانب ضرورة استيعاب القوى المؤثرة داخل البيت الشيعي مع الحفاظ على وجود معارضة داخل البرلمان.

فشل الكتل السياسية في المضي في اكمال المسيرة الانتخابية وتشكيل حكومة جديدة وتبني برنامج حكومي جديد سيفضي للدخول بالجميع الى نفق مظلم لن تكون نهايته سوى انهيار العملية السياسية وسط عزلة دولية تفرضها المجتمع الدولي بقرار اممي.

 

تنظر المحكمة الاتحادية العليا، الطعون المقدمة إليها من تحالف الفتح ممثلاً عن الإطار التنسيقي (يضم القوى الخاسرة في الانتخابات الأخيرة) لكن لا يزال من المبكر القول إن قراراً ملزماً سوف يصدر عنها. خبراء القانون الذين يستندون إلى المادة 93 من الدستور العراقي يقولون إن المهمة الوحيدة للمحكمة الاتحادية هي المصادقة على نتائج الانتخابات. وبينما لا يضع الدستور لها مدة زمنية للمصادقة كما إنه سكت عن إمكانية عدم المصادقة، فإن الكثير من خبراء القانون في العراق يبدون استغرابهم من هذا الصمت الذي بات يضع الكثير من علامات الاستفهام حول ما بدا أنه تأخير واضح سواء في البت في الطعون مع أنها وظيفة الهيئة القضائية لا المحكمة الاتحادية، مثلما يرى الفائزون وطيف واسع من رجال القانون، أو على مستوى النتائج الكلية. لكنّ العارفين بخفايا الأمور وما يجري في الشارع من اعتصامات أمام بوابات المنطقة الخضراء منذ أكثر من شهرين أو خلف الكواليس يدرك مدى الحرج الذي تجد المحكمة الاتحادية العليا نفسها فيه.

وبسبب ما بات يسمى الانسداد السياسي في البلاد فإن الجميع الآن بات متورطاً في النتائج التي حصل عليها في هذه الانتخابات. الفائزون من الشيعة وفي مقدمتهم الكتلة الصدرية بزعامة مقتدى الصدر يرون أن لفوزهم ثمناً ينبغي عدم التفريط به، وهو الذهاب إلى تشكيل حكومة أغلبية وطنية. والفائزون من الكرد والسنة يجدون أنفسهم أمام مأزقين حتى الآن لا توجد مؤشرات على تجاوزهما وهما الاتفاق على المرشح الكردي لرئاسة الجمهورية بين الحزبين الكرديين (الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني) وعلى المرشح السُّني لرئاسة البرلمان بين الحزبين السنيين («تقدم» و«عزم»). وفي الوقت نفسه فإن كلاً من الكرد والسنة حائرون أيضاً بشأن مع من يذهبون في النهاية؛ هل مع الصدر لتشكيل حكومة أغلبية أم مع الإطار التنسيقي لتشكيل حكومة توافقية؟

 

لم تكن الانتخابات المبكرة الأخيرة التي شهدها العراق في أكتوبر الماضي سوى لعبة سياسية أدارها بذكاء الزعيم القومي -ذو العقلية المستقلة عن طهران- مقتدى الصدر، في مقابل تحالفات الموالاة. وقد حمل عنوانها الأكبر «خسارة مدوية لإيران بالعراق» أمام رجل فهم النظام الانتخابي الجديد، فأجاد تحريك قطعه على رقعة الشطرنج ببلاده.

الصدر واحد من بين القلائل من القادة الشيعة العراقيين الذين أبقوا مسافة بينهم وبين إيران. فقد انتقدها في كثير من الأحيان، لتدخُّلها في كل من سوريا والعراق. بل وزار المملكة العربية السعودية، المنافس الإقليمي لإيران عام 2017. كما دعا الرئيس السوري، بشار الأسد حليف إيران، إلى «اتخاذ قرار تاريخي بطولي» بالتنحي عن السلطة، ليجنب بلاده المزيد من سفك الدماء.

ومع ذلك، فقد تردد الصدر، خلال الفترة ما بين عامي 2007 و2011، على إيران. حيث درس في حوزة قم، في مسعى لتطوير أوراق اعتماده الدينية. وفي سبتمبر 2018، ظهر جالسًا إلى جانب المرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي. وعلى يساره، العقل المدبر للمد الإقليمي لإيران، وقائد فيلق القدس في الحرس الثوري، قاسم سليماني. وهي صورة أثارت جدلاً كبيرًا في معظم أنحاء العراق، وفق تقرير لشبكة الإذاعة البريطانية «بي بي سي»، استند إلى مؤلف سيرة مقتدى الصدر الكاتب باتريك كوكبورن، لشرح هذا الالتباس في علاقة الرجل بإيران. حيث قال إنه لا يرى تناقضًا حقيقيًا في ذلك كلّه؛ لأن الصدر اتبع ووالده نهجًا ثابتًا إلى حد كبير، باعتبارهم قادة دينيين شعبويين في إطار السياسة العراقية المحكومة بمراكز قوى متعددة في الداخل والخارج. وهو ما يعني أنه لا يوجد عدو دائم أو صديق دائم.

إن انتصار حركة الصدر في العملية الانتخابية كان متوقعًا بشكل كبير. نظرًا لقاعدتها الموالية والمنظمة بشكل جيد، والمركزة في الضواحي الشرقية لبغداد والجنوب. إلا أن المفاجأة الكبرى كانت في حجم هذا الانتصار، برفع المكاسب من 54 مقعدًا في 2018 إلى 73 في الهيئة التشريعية الجديدة. وذلك رغم أن التصويت الصدري نفسه لم ينمُ في بعض المحافظات. بل بدا أصغر مما كان عليه في 2018.

أن مقتدى الصدر استفاد من مزيج من الإقبال المنخفض على الانتخابات. بالإضافة إلى الدراسة الدقيقة للدوائر الانتخابية الجديدة. وهو ما سمح لكتلته بضمان عدم تنافس مرشحيها على نفس الناخبين. الأمر الذي لم يدركه المنافسون الآخرون إلا متأخرًا.

في 2019، اندلعت احتجاجات شعبية عارمة عُرفت بـ«حركة تشرين» في جميع أنحاء البلاد. حيث دعا المتظاهرون إلى إصلاح جذري للنظام السياسي بعد عام 2003. وهو ما استجابت إليه الحكومة بإعلان إجراء انتخابات نيابية مبكرة في أكتوبر، وقبل موعدها بستة أشهر. إلا أن هذه الانتخابات شهدت عزوفًا كبيرًا من العراقيين. حيث شارك 44% من الناخبين المسجلين. وكان معدل القياس هذا متوقعًا على نطاق واسع، مدفوعًا بعدم ثقة في أن تحدث الانتخابات تغييرًا ذا مغزى للنظام.

وقد أدت نسب التصويت المنخفض تلك إلى زعزعة التوازن داخل النخبة العراقية. خاصة في المعسكر الشيعي، حيث اكتسبت كتلة الصدر قوة كبيرة على حساب تحالف فتح، الذي يمثل مصالح مجموعات الحشد الشعبي شبه العسكرية، المحسوبة على إيران. والتي لم تتعامل بشكل جيد مع النظام الانتخابي الجديد، فقدمت العديد من المرشحين الذين تنافسوا ضد بعضهم البعض في نفس الدوائر الانتخابية، ومن ثم فشلوا.

والاستراتيجية التي اتبعها التيار الصدري، وحققت له الفوز على أبرز منافسيه، تحالف الفتح المدعوم من طهران. وقد اعتمد التقرير على أرقام من النتائج الأولية لمفوضية الانتخابات في العراق عبر موقعها الرسمي. قال إنها أظهرت أن الصدريين حصلوا على عدد أصوات أقل مما حصلت عليه كتلة الفتح. وأنهم مع ذلك حققوا (الصدريين) الفوز في النهاية بحصولهم على 73 مقعدًا، بفارق يقترب من 60 مقعدًا عن تحالف الفتح الذي لم يتمكن إلا من حصد 17 مقعدًا في البرلمان المكون من 329 مقعدًا. وكان قد حقق المركز الثاني في انتخابات 2018 بـ48 مقعدًا.

يقوم النظام الجديد للانتخابات على مبدأ التصويت الفردي، أو نظام الفائز الواحد، داخل دوائر انتخابية متعددة المقاعد. بما لا يسمح بتحويل الأصوات. إذ يهدف لخلق عملية انتخابية أكثر شفافية لا تحتاج إلى حسابات معقدة للفوز بالمقاعد. لذلك، فإن هذا النظام يتطلب من الأحزاب والقوى المتنافسة اعتماد معايير دقيقة لاستراتيجياتها، إذا أرادت الفوز بصناديق الاقتراع.

ففي ظل الأنظمة الانتخابية القديمة (القائمة المفتوحة أو المغلقة)، كان يمكن إعادة توزيع الأصوات التي حصل عليها مرشح ما على مرشحين آخرين من نفس الحزب. وبالتالي، في حال كان الفوز بمقعد في البرلمان يحتاج لخمسة آلاف صوت مثلاً، وحصل أحد المرشحين على 10 آلاف، فإن الفائض يذهب لمرشح آخر من الحزب ذاته. في المقابل، ينص القانون الجديد على عدم جواز تحويل الأصوات التي يحصل عليها المرشح لمرشح آخر. ما يؤدي إلى إهدار عدد كبير من الأصوات. وهذا ما حصل مع تحالف الفتح.

إذ يتكون تحالف الفتح من عدة أحزاب متنافسة، كمنظمة بدر وصادقون وسند. وقد أراد كل حزب منها ترشيح مرشح خاص به ضمن قائمة الفتح، ما أدى إلى إهدار الأصوات. بينما على العكس تقدمت كتلة الصدر في الدائرة الأولى مثلاً بمحافظة القادسية، بمرشح واحد فقط، وفاز بأكبر عدد من الأصوات. كما رشحت امرأة واحدة في الدائرة ذاتها تمكنت من الفوز بمقعد عبر الكوتا المخصصة للنساء.

في ظل هذه الهزيمة الفادحة لتحالف فتح ونتائج الانتخابات التي أشاد بها أعضاء مجلس الأمن الدولي، شكلت الأحزاب الشيعية الخاسرة جبهة موحدة تحت مسمى «الإطار التنسيقي الشيعي». وقد شككت هذه الجبهة في نتائج الانتخابات ودفعت بأنها شهدت عمليات تزوير. وقد تزامن ذلك مع مواجهات عنيفة بين محتجين منتمين لفصائل الحشد الشعبي ورجال الأمن في المنطقة الخضراء ببغداد. الأمر الذي أسفر عن سقوط قتيلين وقرابة 150 مصابًا بين الطرفين. حيث زار قيس الخزعلي الأمين العام لـ«حركة عصائب أهل الحق»، موقع التظاهر الذي نظمته حركته. وسجل مقطع فيديو يلقي فيه باللوم على رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي في إطلاق النار، ويتعهد بمحاكمته. وهو ما أعقبته محاولة اغتيال الكاظمي،

واذا كان المقصود من هذه الهجمات أن تكون بمثابة تحذير للكاظمي، فقد يكون لها تأثير معاكس. هذا لأن هذه الضربة التي استهدفت منزل الكاظمي بطائرة بدون طيار، جلبت إدانة وطنية ودولية. ذلك إلى جانب تصريحات الدعم لرئيس الوزراء وحكومته، بما في ذلك من إيران، التي تدعم الجماعات شبه العسكرية والحكومة أيضًا. إذ تظل الأولوية الإيرانية الأولى الآن هي الوحدة في المعسكر الشيعي حول مخاوف رئيسية، مثل تشكيل حكومة بقيادة الأحزاب الشيعية.

إنه من المؤكد أن تشكيل حكومة جديدة في العراق سيكون مسألة طويلة الأمد. وعلى عكس ما هو متوقع إلى حد ما، فإن الهامش الكبير لانتصار الصدر يجعل من غير المرجح أن يسعى إلى تشكيل حكومة أغلبية تستبعد المالكي أو تحالف فتح.

على سبيل المثال، فإن فتح غاضبة من هزيمتها اللاذعة، واستبعاد الأحزاب الخاسرة من السلطة لن يؤدي إلا إلى زيادة تصميمها على المقاومة -رغم أن بعض قادتها يزعمون أنهم لن ينضموا إلى الحكومة. علاوة على ذلك، حتى لو ظهر الصدر منتصرًا، فلن يرغب في تحمل مسؤوليات الحكومة بمفرده. أو المجازفة بتحمل كل اللوم عن أي إخفاقات. لذلك فمن الأرجح أن يُدفع إلى المشهد برئيس وزراء توافقي.

وان عملية تشكيل الحكومة أكثر تعقيدًا من مجرد توزيع المناصب الوزارية. لأنها تشمل حصصًا من المناصب الرئيسية (ما يسمى بالدرجات الخاصة) في بيروقراطية الدولة، والتأثير على المؤسسات المالية مثل البنك المركزي. فضلاً عن الأدوار الإدارية في الفرع التنفيذي الذي له نفوذ على صنع السياسات. وتقول: إذا اقتربت الأحزاب الشيعية من اتفاق مُرضٍ عبر هذه المستويات حول مكان وضع الموالين لها، فإن المنافسة، على الأرجح بين الصدر ومنافسيه، على من يمكنه تشكيل الكتلة الأكبر في البرلمان -وبالتالي تسمية رئيس الوزراء- ستكون أقل أهمية في تشكيل حكومة جديدة.

أحدث المقالات